كثيرون هم الموريتانيون الذين يشعرون عادة بالانقباض الشديد، عندما يشاهدون رؤساءهم يتحدثون في البلدان العربية بطريقة يستطيع تلامذة السنة الأولي ابتدائي منافستهم فيها، لكنني لم أشعر بذات الشعور، عندما لاحظت الرئيس محمد ولد عبد العزيز- بغير قصد طبعا- يخطئ في تهجي إسم الرئيس منصف المرزوقي
أمام التونسيين وخلال لحظة يرون ونري أنها تاريخية في حياتهم، لمعرفتي أن الرئيس المرزوقي يعرف موريتانيا جيدا ويعرف أن صعوبة تهجي خطاب بالعربية من قبل أحد الموريتانيين، هي استثناء للقاعدة.
فقد زار الرئيس المرزوقي موريتانيا أكثر من مرة، عندما شكلت "الإستثاء العربي" وواكب " التحول الديمقراطي" وناقش المثقفين والمهتمين بحقوق الإنسان في هذه الربوع، وكنا نشعر أثناء زياراته واحتكاكه بالنخبة الموريتانية أننا مع شخص منا، ينجذب إلينا بتلقائية واضحة وبأريحية لافتة وكنا نتابعه بعد أن أصبح رئيسا لبلاده، فإذا به هو هو لم يتغير ولم يبدل، فقط "سلهامه" الذي يعكس أبهة رئاسية تحيط كالمعصم برجل متواضع لا يري في الحكم، سوي التكليف وليس التشريف.
رجل لم يسع إلي السلطة وإنما انقادت له بعد أن استحقها بجدارة، وبعد أن ذاق السجن- بل ما هو أقسي من السجن- كما عاش المنافي الطويلة.. كل هذا من أجل المبدأ، فلم تكن مواقف الرجل بدافع الحاجة المادية، فهو أستاذ جامعي وفي كلية الطب بالتحديد، فمن مهنته كان يستطيع أن يعيش مرفها أو مستورا علي الأقل، لكنه فضل أن يدفع ثمن حرية بلاده، فكان له ما أراد، لكن شعبه بعد أن سطر ثورته الملهمة، كافأه فوضعه فوق الرأس وأنزله المنزلة اللائقة- عكس آخرين وصلوا بطرق مخالفة وتحركوا بدوافع غير تلك التي حركته- فمرحبا بالرئيس: المنصف المرزوقي في موريتانيا ونرجو من الله أن تكلل خطاه المغاربية بالتوفيق والنجاح.