مع دخول القرن الحادي والعشرين أصبح تزايد الاهتمام العالمي بالبيئة يغذي البحث عن مصادرنظيفة للطاقة، وبالرغم من التقلبات المستمرة للأسعار في أسواق الطاقة عالميا بقي الطلب العالمي على الغاز الطبيعي خاصة الغاز المسال ينمو بوتيرة أسرع من جميع أنواع مزيج مصادر الطاقة الأخرى، حيث ارتفع حجم التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال من حوالي 50 مليون طن سنة 1990 إلى 316.5 مليون طن سنة 2018.
هذا النموالمتزايد عالميا في الطلب على الغاز المسال صاحبه تحول هيكلي في طبيعة هذه الصناعة، حيث تم إدخال فكرة منصات إنتاج الغاز الطبيعي المسال العائمة (FLNG) لأول مرة بداية 2011 قبالة السواحل الأسترالية حينها كانت أسعار النفط تحوم حول 120 دولارا للبرميل، و أسعار الغاز تعانق 18 دولارًا أمريكيًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
اليوم ورغم الإيجابيات الكثيرة لهذه المنصات التي عددناها في مقالنا السابق، والتي من أهمها بالنسبة للشركات المرونة العالية لهذه المنصات على إعادة الإنتشار، حيث يمكن إعادة استخدامها ونقلها من موقع إلى آخر بمجرد تغير الظروف أو في حالة تم اتخاذ قرار تجاري بإيقاف المشروع، ولنا في مشروع FLNG الكاريبي الذي تم إلغاءه بعد تغييرات في سوق الغاز المحلي في كولومبيا خير مثال.
ورغم أيضا كون الشواطئ الموريتانية قد تكون من بين أفضل الأماكن عالميا المناسبة لإيواء المنصات العائمة نظرا لطبيعة الطقس على طول سواحل الغرب الإفريقي الخالية من الأعاصير، إلا أن أكثر من سؤال يطرح حول مدى مستقبل تنافسية غاز حقل آحمييم المشترك في سوق عالمية تشير تقديرات الاتحاد الدولي للغاز (IGU)إلى أن إجمالي حجم القدرة الإنتاجية التسييلية العالمية قد يصل إلى حوالي 845 مليون طن في غضون سنوات، في حين أن حجم الطلب العالمي قد يصل إلى 600 مليون طن فقط في أفق 2040.
وبالرغم من أن المعلومات الرسمية شحيحة جدا حول هذا الموضوع، ومع ذلك يشير أحد التقارير الدولية المتخصصة في صناعة الغاز الطبيعي المسال أن تحليل مستوى الأسعار التنافسية لأفق 2025 يحدد أعلى الأسعار الإيجابية المتوقعة للغاز المسال بحوالي 7.34 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بالنسبة لسوق شمال غرب أوروبا، و 8.76 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بالنسبة للسوق الآسيوية ، ويشير التقرير أيضا إلى أنه من المتوقع أن تبلغ تكلفة تسليم الغاز المسال القطري نحو 5 دولارا لكل مليون وحدة حرارية متبوعا بالغاز المسال النيجيري 5.2 دولارا/ mmBtu، ثم الغاز المسال الأمريكي من المحطات الجديدة في خليج المكسيك 5.6 دولارا/ mmBtu، والغاز الروسي المسال 6.6 دولارا / mmBtu، وموزمبيقي 7.8 دولار/ mmBtu هذا بالنسبة لسوق شمال غرب أوروبا الذي يضم المملكة المتحدة، وهولندا، وبلجيكا (NWE).
أما بالنسبة لسوق جنوب شرق آسيا (JKTC) الذي يضم اليابان، وكوريا الجنوبية، و الصين، وتايوان الصينية فإن السيطرة عليه قد تكون للغاز المسال القطري، والروسي بتكلفة تسليم تنافسية أقل من 5 دولار/ mmBtu بعيدين من أقرب منافس لهما الغاز المسال النيجيري حوالي 7 دولار/ mmBtu، ومع ذلك الغاز النيجيري قد يكون منافسا قويا للغاز القطري على السوق الصاعدة جنوب آسيا الهند ، باكستان ، وبنغلاديش (IPB).
ويشير تقرير آخر إلى أن تكلفة تسليم الغاز المسال لحقل آحمييم المشتر إلى أوروبا تبلغ حوال 6.2 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وقد يستفيد الغاز المسال الموريتاني السنغالي من جملة من الميزات التفاضلية التي تعزز من تنافسيته في الأسواق العالمية، من أهمها قربه من السوق الأوروبي، وكذلك تكلفة تسييل منخفضة تبلغ 2.1 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وذلك حسب تقرير حول تكلفة التسييل لدى المنصات العائمة المصنعة من طرف شركة Golar LNG Limited التي من بينها منصة Hilli Episeyo الكاميرونية، ومنصة موريتانيا FLNG Gimi، في حين تبلغ هذه التكلفة في روسيا 4.52 دولارا ، و 3.79 دولارا في الموزنبيق، و 3.1 في لدى محطات التسييل الأمريكية في خليج المكسيك لكن هذه التكلفة تنخفض إلى أقل من 2 دولارا بالنسبة لقطر، ونيجيريا.
وعليه نعتقد أن الغاز المسال الموريتاني السنغالي قد يكون قادرا على الدخول في منافسة قوية على الأسواق الأوروبية مع الغاز المسال الروسي، و الموزنبيقي، و الغاز الأمريكي المسال من خليج المكسيك، وكذلك الغاز المسال من غرب كندا. لكن لن يكون قادرا على منافسة الغاز القطري، و النيجيري، و الغاز المسال الأمريكي من المحطات الجديدة في خليج المكسيك، كما أنه قد لا يكون منافسا قويا على السوق الأهم عالميا السوق الآسيوية خاصة في ظل ضبابية تسيطر على مستقل الأسعار عالميا.
يتواصل إن شاء الله