من أسوء ما يحجب الحقائق عن أنظار وبصائر زعماء البلدان ويغطي عنهم مواطن الخلل في تسيير الشأن العام ذاك الإعلام الموارب التي يتزعم مؤسساته ويرسم خطها التحريري على إيقاع مقامات التزلف، خبراءُ صناعة الافتتاحيات اليومية، وقد باتت في أغلب بلدان قارات العالم تنتمي إلى عهود الأحادية والدكتاتورية المتجاوزة بفضل وعي الشعوب ونضج والتزام الحكام؛
افتتاحيات عصماء تهز بإيقاعاتها الموزونة صبيحة كل يوم مقرات الإذاعات والقنوات التلفزيونية والجرائد وكالات الأنباء الرسمية، وهي تنحت سحر بيانها ونقاء وجزالة ألفاظها جميعها من صلب اللغة المتقعرة لتسكب على شخص القائد عطر التمجيد وتلبسه ثوبا من التكريم لم يعلق بأدناس؛
افتتاحيات تغطي بألسنة وحناجر وأقلام محرريها كل مواطن الضعف في المسار العام للبلد وتسلب الحقائق فرصة التعرف على مكامن المراجعة ومواطن إمكانات التحسين والإصلاح والتغيير؛
افتتاحيات الأفيون التي تظل تقلب الحقائق وتصور الأمور على غير ما هي عليه حتى يحيد الحاكم عن جادة الصواب ويحرم من النظر بلا حجاب إلى مجريات حراك بلده ومتطلبات مواطنيه؛
إنها افتتاحيات التضليل والإغراق في بحر الحروف البراقة وخضم أمواج الكلمات المدغدغة الرنانة والمسكرة.
فهل يظل أسلوب الافتتاحيات، الذي لم يعبر إلى القرن الواحد والعشرين، معتمدا في عصر تجاوزه إلى لغة تغطية رفع تحديات الإصلاح الميدانية بالصورة الناطقة والمفردات الفنية؟