ولست بالباغي على الحب رشوة ** ضعيف هوى يبغي عليه ثواب. المتنبي
في هذا المنكب البرزخي كل شيء بالمقلوب: أنهب أموال وطنك ننشر لك السجاد الأحمر، خيب آمال ناخبيك نرفعك فوق رؤوسنا، بايع قائد دولة أجنبية نمكن لك في الأرض.
قبل ثلاث سنوات قامت مجموعة ممن يصفون أنفسهم بسياسيي هذا البلد بمبايعة العقيد سيء الصيت معمر القذافي. وقد تنبأ لهم حينها الكثير من المحللين بالموت السياسي وأنهم لن تقوم لهم قائمة بعد تلك "البيعة".
والآن انظروا أين هم؟ توجد الآن في هذا البلد ثلاث تكتلات للأحزاب السياسية: تكتل أحزاب الأغلبية ورئيسه عثمان ولد أبو المعالي الذي بايع القذافي خليفة للمسلمين. منسقية أحزاب المعارضة الديمقراطية ورئيسها صالح ولد حننا لا تزال بيعة العقيد في عنقه، تكتل الأحزاب المحاورة (المعاهدة) ورئيسها عبد السلام ولد حرمة بايع هو الآخر على السمع والطاعة.
أليست لنا ذاكرة؟ لن يستقيم أمر هذا البلد قبل أن نقول للمخطئ أخطأت ونحاسبه على خطئه وللمصلح أحسنت ونكافئه على إصلاحه، أما سياسة المجاملات وإعطاء الخد الآخر للطمه فهي ما أوصلنا لما نحن فيه.
فكم حزبا نجامله ونفتح له تكتلاتنا السياسية بينما لا وجود له إلا في حقيبة رئيسه؟ وكم نائبا باع مواقفه التي انتخب من أجلها نقابله بالاحترام؟ وكم شيخا تنكر للحزب الذي أوصله لمجلس الشيوخ نقابله بالابتسام؟
إن أزمتنا ليست أزمة تجديد النخبة السياسية بل هي أزمة أخلاقية بامتياز! وإن وجود هؤلاء الأشخاص على رأس تكتلات الأحزاب السياسية هو قبول ضمني لبيعتهم لقائد أجنبي إن لم يكن مكافأة لهم على ذلك.
كفانا مجاملة هي فقط على حساب هذا الوطن المباع من طرف نخبه!