الصحافة سلطة مؤتمنة / الولي ولد سيدي هيبه

موجة عارمة من محاولة "لمساس" السافر بشخص رئيس الجمهورية دون أن يعني الأمر انتقادا لبرنامجه أو طريقة تسييره لشؤون البلد، تصحبها أخرى تستهدف بعض الشخصيات السامية في هرم الدولة دون أن يتعلق الأمر بأدائها؛ محاولة بالمساس لا محل لها من الإعراب في الإعلام الملتزم والمسؤول، تحمل رسائلها "المهينة" للدولة والمواطن الانتهاك الصارخ في الصميم للكيان الجمهوري وتحمل مضامينها، بجرأة تتحدى كل الممنوعات وتتجاوز جميع الخطوط الحمراء لمنظومة القيم الأخلاقية للمجتمع و لأخلاقيات مهنة الصحافة العالية كذلك، "أشرطةٌ" متداولة على النت (مواقع شبكة التواصل الاجتماعي) وتروج لها بعض المواقع الالكترونية بمحتوى جارح تنحدر لغته إلى درجة "الهجاء" ولا تحمل، على الرغم من تعديها على مهنة "الصحافة"، جوهرا أو تبني طرحا أو تؤسس لموقف حول قضية كبرى أو هم وطني بالغ،.

ومعلوم أن الصحافة الإيجابية تكون، ما لم تتضمن في تفاصيل محتوياتها ما يتعارض مع المعايير المهنية، صحافة بناءة تحافظ على قيم الصحافة الأساسية، تشجع مشاركة المواطنين لتحسين مجتمعاتهم، وتقدم لهم نموذجا صحفيا يهدف إلى رقي وازدهار المجتمع وتكشف له حقائق الحكامة بكل تجلياتها. وإذ ليس بإمكان الصحافة أن تقدم معلومات بمعزل عن الواقع يكون بالتالي تعزيز إظهار المعلومات الإيجابية على الرغم من تضخم الواقع السلبي لا يعدو كونه تضليلًا يتعارض مع معيار الكشف الكلي للمعلومات التي لا يمكن حجبها بأي فعل أو لغة. وإذا كانت الصحافة بهذا المنطق "النبيل" هي المسؤولة، من موقع الحياد بكامل قوة السلطة الرابعة، عن كشف الحقائق فإنها ليست بالنتيجة الحتمية :

-           ترفا مباحا،

-          أو لهوا مطلوق العنان في كل نادي،

-          ولا مساسا برموز سيادة الوطن،

-          أو نهشا في الأعراض،

-          أو تلاعبا بالأشخاص، 

-          أو تفاخرا بالكلام إلا أن يكون مفيدا،

-          أو تساميا بالحماس اللفظي إلا أن يؤدي رسالة سامية أو يوصل خطابا قيما،

ولكنها أمانة على توازن البلدان واستقرار أوضاعها وسلم ولحمة أهلها واستنصارا للحق وكشفا للأخطاء وكشفا للمفاسد وتعرية للمفسدين وتوجيبها إلى المراجعة والتصحيح.

وكما يبدو فإن هذه الموجة الغير مسبوقة هي أشبه بنوع مفتعل من التضليل لإبعاد النظر عن مسار التصحيح الجاري والمنتظر النتائج بإلحاح، ولصرف الاهتمام العام ك  عن متابعة ملفات الفساد التي سلطت على بعضها محكمة الحسابات الضوء الكاشف في تقاريرها الأخيرة وبدأت المطالبات الشعبية بالسعي إلى مساءلة الجناة عن أمواله وعقاراته التي نهبت وتفرقت بين حسابات المفسدين.

وإنه مهما تحصن، بأسوار الإعلام المهيبة، كُلُّ مسرف، في التقول والتعرض المجاني للأعراض في انتماءاتها الضيقة بعيدا عن متاح النقد البناء فيها، فإن سجنه الذي يصبح غير موات لا يمنع بتاتا مقاضاته لينال جزاءه المستحق أمام القانون بتهم لا تليق بالصحافة السامية الرسالة، الجزلة الألفاظ والصادقة المرامي.

28. يناير 2020 - 16:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا