الفتوى الموريتانية بين ضمور الماضي وغزارة الحاضر/ الولي سيدي هيبه

هل للفتوى الموريتانية وجود دون الفتوى الدينية في عمومها وفي خصوصيات المذاهب الكبيرة المعتمدة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، أو بخصوصيات تنفرد بها عن غيرها؟ وما ملامح تلك الخصوصيات وهل تخرج على القواسم المشتركة في لفتوى حول مسائل تندرج في مسائل الحلال البين و الحرام البين دون المكروهات البينة والمباحات البينة وقد ورد في الأثر حولها ما عم حتى حصل عليه الإجماع في كل بطون الأمة وأمصارها؟ وهل تفلت هذه الخصوصيات من منظومة الضوابط المنطقية التي لا خلاف عليها بحكم العقل المشبع أو المتأثر بقيم المعتقد الواحد ذي المرجعية الواحدة من بعد تحكيم صريح الشرع في كل المجتمعات؟

أسئلة تزاحمت في ذهني وددت طرحها على كوكبة المحاضرين، فقهاء ومفكرين وأساتذة أجلاء تقاسموا على منبر مدرج "الإمام مالك " محاور ندوة علمية قيمة نظمها المعهد الموريتاني للبحوث والدراسات الإسلامية صمن سلسة محاضرات وضع لها جدولا وحدد لها مواقيت تقرر تنظيمها خلال موسم لا شك سيكون زاخرا بالعطاء العلمي. وإني وإن لم يسعفني الحظ وقد حاصرني ثنائي ضيق الوقت والمستوى العالي للمداخلات التي أعقبت المحاضرات، فلم أتمكن من توجيه هذه الأسئلة التي حاولت جاهدا صياغتها في عقلي المشوش بسبب القراءات المتباينة التي تراءت لي في صياغة العنوان، فإن جل عزائي عن ذلك تضمنه الكم الهائل من فيض الجميع بغزارة التمكن حول محاور:

-         الضوابط

-         الاشكالات

-         المرجعيات

التي تقاسمها أساتذة أجلاء أحاطوا في إسهاب "المتمكن" واقتدار "العارف" بجوانبها المتشعبة وسبروا بلغة أكاديمية وخلفية فقهية أغواره العميقة حتى قربوا للأفهام مناطات المواضيع وأبعاد التناول، ثم لم يلبثوا أن أثاروا مداخلات عددت هي الأخرى طيف الرؤى ونوعت القراءات حول المحاور جميعها.

ولما تبين من خلال ما ورد أن الفتوى الموريتانية، منذ كانت في البلاد في كل مراحلها، لم تخرج عموما عن دائرة ومسوغات المذهب المالكي إلا بشكل خجول على أيدي المخولين أفرادا، كل في حيزه المكاني والزمني، وفي قليل الحالات للأخذ بمدلولات المذاهب الثلاثة الأخرى السنية تيسيرا ورحمة، فإن التي أضحت جماعية باتت توجها يقل رويدا الاعتراض عليه بحكم تقارب الشعوب الاسلامية في أفهامها وعاداتها وتوجهاتها المشتركة من جراء الانفتاح وانتشار العلم وازدحام المراجع وتقلص المسافات الزمكانية والنفسية وشبه توحد الإشكالات وحلولها والمرجعيات وتوافقها في الخطوط العريضة، وقد أصبحت الدول:

-         أكثر ضبطا لأمورها،

-         وإحاطة بشؤون شعوبها،

-         وإدراكا لمشتركاتها في العادات والممارسات،

بحيث تقلصت المسافات أمام فهم النوازل وتقديم الفتوى المناسبة في ظل دولة القانون المعتمد على الشريعة السمحة تأخذ مجراها على أيدي فقهائها وقضاتها بتكليف وبإيعاز شرعي من أولي الأمر فيها.

1. فبراير 2020 - 0:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا