سيذكر الناس زمنا طويلا أن الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا أكبر النقابات الطلابية وأكثرها نضالا وتضحية ،استطاع بعزم مناضليه وحكمة قادته، أن يفرض الرجوع عن قرار اتخذته الدولة في غفلة من الزمن ،وغياب من الضمير يقضي بوأد قلعة ظلت طيلة سنوات منبع للعلم ومقصدا للطلاب ينهلون من معينه ويرتقون في مدارج الفقه والأدب..
للنضال رجال.. لقد شكل الانتصار الذي حققه الاتحاد اليوم بالمعهد نصرا جديدا ينضاف إلى انتصاراته الكثيرة، وضربة قوية لإدارة المعهد التي خانتها التقديرات ،فخالت –جهلا- أن الاتحاد سيثنيه القمع والطرد والتنكيل عن تبنيه للقضايا الطلابية العادلة.
ولقد أثبت مناضلو الاتحاد أنهم حقا أمل الأمة ومستقبلها.. فهم من يسهر لينام الطلاب،ومن يعتقل ليطلق سراح المعهد العالي من القبضة الأمنية الغاشمة ،ومن يتعب ليجد الطالب مبتغاه دون كلل أو نصب. وبقدر ما كان الطلاب مقتنعين بما هم فيه،و يعقدون العزم على دفع ضريبة النضال التي قطعوها على أنفسهم أول مرة حين انتسبوا للاتحاد، كانت هنالك شرطة لا تعلم ما تريد من مرابطة طويلة مملة أمام المعهد، وقمع وحشي لطلاب عزل،ما نقموا منهم إلا أنهم رفضوا إغلاق معهدهم الشرعي، وطالبوا بإبقائه. وفيما كان الطلاب يقدمون على أيام الغضب بمعنويات مرتفعة،وأرواح تواقة لنصرة الحق، وهم يعلمون أن مصيرهم الاعتقال والضرب والتنكيل من قبل شرطة لا تقيم وزنا للإنسان ،أحرى طلبة العلم وأهل الخير، كانت الشرطة تأتي إلى المعهد في وضعية لا تحسد عليها، فكبار الضباط لا يخفون خوفهم من طلاب الاتحاد، والمواجهة التي تفرض عليهم مع ما معهم من وسائل القمع تكون من أصعب القرارات ،وكانوا يعترفون للطلبة الذين يعتقلونهم بذلك.
مواقف لا تنسى.. انتهت الأزمة،و طويت صفحة مهمة من تاريخ النضال الطلابي، وحصد الطلاب ثمار صبرهم ونضالهم المستميت في أحلك الظروف وأصعبها..وبقيت الآثار شاهدة، والجدران وفية للقضية الطلابية..وبقيت مع ذلك مواقف للبعض ظهروا في الأزمة..كانت بعض تلك المواقف مشرفة لأصحابها،وكان بعضها الآخر في غاية الدناءة ،وعار في جبين من فعلوها.. 1- سيخلد التاريخ موقفا وقفه مدير المعهد العالي ذات صباح قائظ، وقد أربكته المقاطعة المنقطعة النظير للامتحان التي لبى الطلاب فيها دعوة الاتحاد الوطني، فما كان من الرجل وقد تجرد من ثياب المروءة والرجولة، ولباس التقوى، إلا أن أمر بسحل الطالبات وضربهن..وقال كلمته المشهورة: "اضربوهن..اضربوهن..هذوماهماعليات"!! ربما لم يكن الرجليدرك وهو يصدر مثل هذه الأوامر الخطيرة أن التاريخ لا يرحم،وأن الرجال مواقف..وأن الدائرة ستدور عليه و قد شوه نفسه بتلك الأعمال الأمنية المخجلة، وأن الظالم مهما تجبر لابد من يوم للحساب .ولكن لا يعلمون!.
2- وبقدر ما سيخلد التاريخ تلك المواقف المخزية، فإنه سيحفظ لشباب الاتحاد بطولاتهم التي لا تنسى، وشجاعتهم وصبرهم ونضالهم وتضحيتهم.. سيحفظ لقيادة الاتحاد نضجهم وحنكتهم، وقدرتهم على المناورة ،ويحفظ لمناضليه العزيمة والإصرار والثبات..
وشتان ما بين من يذكره الناس بخير، ويدعون له ،ومن تلعنه ألسنة الخلق،وتبغضه قلوبهم.
ويستمر النضال.. لقد أثبتت تجربة المعهد أن النضال هو الطريق الوحيد التي تعيد الحقوق الضائعة، وتحفظ للطالب كرامته. وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الحقوق غلابا.. و لقد كتب على الاتحاد الوطني أن يكون واجهة للنضال الحقيقي والجاد،وأن يقود قافلة الإصلاح ،وقد أيقن أن لتلك الريادة ثمن، وهم لذلك الثمن مستعدون، ولن تثنيهم محاولات التشويه الفاشلة التي ترعاها الدولة وإعلامها وأجهزتها الأمنية عن المضي قدما في تحقيق أهدافه التي يجسدها نشيد الاتحاد الخالد. هي إذا لحظة مهمة في تاريخ النضال الطلابي، وإضافة جديدة لرصيد انجازات الاتحاد ،وستشكل دافعا قويا للمعركة التي يقودها الاتحاد مع نظرائه من الاتحادات الأخرى في الجامعة ضد عسكرة الجامعة وظلم عمادتها ،ونفسا جديدا لمناضلي الاتحاد الأبطال.. أوليس في إدارة الجامعة رجل رشيد؟