على هامش الحرب ضد كورونا (3) / محمدٌ ولد إشدو

تحدثنا في الحلقة الماضية (الثانية) عن الحجر المنزلي التام كشرط أساسي للوقاية من الوباء، وعن ثلاثة شروط أخرى هي الصرامة في تنفيذ الحجر، والتوعية بخطورة وباء كورونا وبالنظافة من وسائل الحماية.. إلخ. وجوب ارتداء الكمامات وتوفيرها.. وها نحن نتناول الشرط الرابع من تلك الشروط قبل التطرق إلى الأعباء المترتبة عن الحجر المنزلي (النقطة الثانية من الرسالة) والتي ستكون عمدة هذه الحلقة.

رابعا: التوكل على الله، والإيمان بالقدر، وتقوى الله، والدعاء، والصدقة، وصلة الرحم، واطمئنان النفس.

فمن شروط الوقاية في ديننا الإسلامي - قبل وبعد الأخذ بالأسباب- التوكل على الله والإيمان بالقدر، وتقوى الله؛ إذ {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} وما أصابنا من سيئة فمن أنفسنا، ثم الدعاء؛ فهو سلاح المؤمن في مواجهة المكروه والمخوف، وقد أمرنا ربنا عز وجل به فقال: {ادعوني أستجب لكم} وكذلك الصدقة أيضا؛ فهي تدفع البلاء وتزيد العمر، وصلة الرحم، واطمئنان النفس؛ وكذا الرياضة البدنية والذهنية، والتغذية، والنوم الكافي ليلا، وإسباغ الوضوء بالماء العادي.. فهذه كلها "معقبات" تقوّي المناعة وتدفع الوباء والبلاء.

ولكن الحجر الصحي التام تنجم عنه - كما ذكرنا في النقطة الثالثة من رسالتنا- أعباء اقتصادية واجتماعية ثقيلة يجب النهوض بها توازيا معه؛ فهي مهر لا بد منه للحصول على المبتغى كما قال المتنبي:

تريدين لقيان المعالي رخيصة ** ولا بد دون الشهد من إبر النحل.

ذلك أن الحجر الصحي في البيوت والفصل التام يحرم مئات الآلاف من المواطنين من الإنتاج والعمل؛ وبالتالي يقطع أرزاق الناس ويشل عجلة الاقتصاد والخدمات.. الشيء الذي يشكل خطرا كبيرا لا يفوقه إلا نقيضه وترك الحبل على الغارب لتفشي الوباء. وقد استشعرت السلطات الوطنية مشكورة ما يترتب عن الحجر التام من ضرر، واتخذت بعض التدابير لمواجهته. وتأكيدا على صحة تلك التدابير والإجراءات نسجل رضانا عنها، ونؤكد على ما يلي:

* ضرورة تعبئة نسبة كبيرة من موارد صندوق مكافحة كورونا ووكالة "تآزر" ومفوضية الأمن الغذائي وغيرها، من أجل دعم الأسر التي فقدت مصادر عيشها من جهة، وتلك التي لم تكن لها مصادر عيش أصلا! ويجب أن يتم هذا العمل بكل شفافية وعدل، وعلى أساس علمي غير تخميني، وتحت إشراف الأمناء المخلصين. وأن يؤخذ في الاعتبار أمران جوهريان هما: أن شرائح واسعة من غير المتضررين سوف تسعى - حسب العادة الموروثة عن زمن الهياكل و"الكزرة"- إلى التسجيل وتحويل اتجاه العون عن مستحقيه وخطفه لصالحها. أن بعض القائمين على هذا الغوث والمتسللين إليه يشحذون مُداهم منذ بدأ الحديث عنه، ليقتطعوا منه ما استطاعوا! الأمر الذي يتطلب يقظة كبيرة، ورقابة شديدة. وقد بدأ الحديث في توجنين ولكصر عن بعض تلك المحاولات. وفي هذه النقطة يجب على المحسنين والصلحين وأهل الخير في مجتمعنا تفعيل التضامن الاجتماعي المأثور إلى أقصى درجاته، وإغاثة من تمكنهم إغاثته من إخوانهم؛ مواطنين وأبناء سبيل وإخوان في الإنسانية!

* ضرورة ضخ مساعدات مالية كبيرة وقروض بلا فوائد في الصناعات الوطنية المتضررة، والمؤسسات الخدمية،  والمشاريع المتوسطة والصغيرة؛ حتى لا تنهار، وحتى تستطيع النهوض من كبوتها بسرعة. فيجب البحث العاجل عن آلية لذلك قبل فوات الأوان؛ فهو يشكل أولوية قصوى!

* الحزم في تطبيق سياسة تزويد السوق بالمواد الضرورية دون انقطاع، وحماية المستهلك من المضاربات والتلاعب بالأسعار. وفي هذا المجال نثمن بعض الإجراءات المتخذة من طرف وزارة التجارة؛ وخاصة تنشيط مصالحها وتزويدها بسيارات رباعية الدفع.

يتبع    

8. أبريل 2020 - 20:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا