"هناك طريقتان لجعل السياسة مهنة: إما أن تعيش للسياسة أو أن تتعيش منها" ماكس فيبر.
إذا كانت المنسقية جادة في محاولاتها تخليصنا من نظام الفساد الذي يجثم على صدورنا منذ قرابة 34 سنة، فعليها أن تبدأ أولا بتنظيف وتنظيم صفوفها.
غالبية الشعب الموريتاني تتألم وتتمنى تغيير الأحوال وهي معارضة بطبيعتها للسياسات غير المدروسة للحكومات المتعاقبة وتستنكر النهب المنظم لثروات هذا البلد، لكن المنسقية لم تستغل حتى الآن هذا الغضب الشعبي العارم وتوجهه لاسترداد حلمنا الديمقراطي المفقود.
ويحق لنا أن نتساءل لماذا لم تفلح المنسقية في استغلال حالة عدم الرضى الموجودة في الشارع؟ ألم يحن للمنسقية أن تراجع سياساتها؟ الم يثبت التحالف مع أحزاب الحقائب والأشخاص فشله ويمنع المنسقية من ديناميكية هي في أشد الحاجة إليها ليضيع الوقت في النقاش والاجتماعات مع أشخاص لا تأثير حقيقي لديهم في الشارع وأحزاب ليس لها وجود خارج مقراتها إن وجدت؟
أليس الأحرى دعوة هؤلاء للاندماج في أحد الأحزاب الكبرى أو استغناء المنسقية عنهم؟ وبهذا نكسب الكثير من الوقت والجهد نحن بأشد الحاجة إليهما، أم أن السادة الرؤساء لا يريد أي منهم أن يتنازل عن لقب "السيد الرئيس" ويضحي به من أجل وطن على حافة الانهيار؟
في الآونة الأخيرة لوحظ بروز جهاز بيروقراطي في المنسقية يستفيد من تسيير المهرجانات والمسيرات وهذا الجهاز هو الذي دفع بشدة لتنظيم المهرجان الأخير الذي كان كارثيا بكل المقاييس (فقط ليستفيد بعضهم من سعر لافتة أو ليترات من البنزين!)، مهرجان كان ينبغي التحضير له جيدا بعد الاستقبال الحاشد للجنرال من طرف الموظفين المسوقين بالعصي والجماهير المدفوعة الثمن.
جمهور المعارضة لا يحتاج باصات نقل ولا يحتاج لافتات كبرى، يحتاج فقط أن تثبتوا له أنكم تريدون تغييرا حقيقيا وهذا لن يتحقق ما دمتم تتحالفون مع رموز الفساد وتحابون على حساب الوطن. إنه لمن دواعي التهكم أن ننتقد ما آل إليه حال البلد من على منصة ونحن محاطون بأشخاص ساهموا في إيصالنا إلى ما نحن فيه.
ثقوا في جماهيركم، فهي لا تأتي لأن فلانا أو علانا حضر، بل تأتي يحدوها الأمل في التغيير والإيمان بموريتانيا ذات غد أفضل.
بدون كل هذا لن يتحقق شعار الرحيل، بل من سيرحل هم نحن الشباب بحثا عن لقمة عيش في الخارج وسيرحل الشيوخ والمرضى إلى باريهم إذ لا صحة موفرة لهم وسترحل ثرواتنا من نحاس وذهب وحديد وسمك، إلى حسابات في الخارج.