المِعْيَارِيّةُ مُخُّ الإِدَارَةِ العُمومِيةِ / المختار ولد داهى

يتحدث الموريتانيون منذ سنوات أو عقود عن فوضى إدارية عارمة أماراتها غياب و/أو تغييب معايير الولوج  و الترقية إلى المناصب الإدارية حتى ساد  مرافقَ عمومية  حساسة كثيرة و فى مرات مشهودة "مناقيرُ بيضاء Blanc-becs"أَغْرَابٌ على الإدارة   لا علاقة لهم بها من قريب و لا من بعيد كما قاد مرافق   إدارية رئيسة أخرى فى مشاهد متكررة أقلُّ منتسبيها كفاءة و تجربة و "أخفِّهم"يدا و أخلاقا،...

وقد أدت ظاهرة "اللامعيارية الإدارية"إلى هَرَجٍ و مَرَجٍ حيث أضحى  كل موريتاني بالغٍ فقط (لم أقل عاقل و لا متعلم) طامحًا لأعلى المراتب الإدارية و قَبِيلُهُ له داعمون  و فى شأنه ضاغطون و حُجَّتُهم بالغة بأن طموحه مشروع فقد سبقه له أَتْرَابٌ تَسَنَّمُوا أعلى المناصب الإدارية.

و اعتقادى أن "الفوضى الإدارية" ببلادنا فعَلتْ أفاعيلَها و عَبَثَتْ ألاعيبها فبلغت حَدَّها  و حَصحَصَتْ نهايتُها لذلك يتعين  تحيينُ تقنينِ معاييرَ تعيدُ ضبط و تنظيم الولوج   و التعيين و الترقية إلى الوظائف الإدارية  الساميةذلكم  أن المعيارية هي مخ الإدارة العمومية  و من أوكدها:

أولًا-معايير صِحَّةِ التعيين:  و هي المعايير التى   يجب البدء بالتأكد من توفرها إذ لا يكون التعيين فى الوظائف القيادية صحيحًا إلا بتوفرها فهي  إقصائية و مما لا يستغنى عنه ومنها:-

 1.الكفاءة العلمية المبرَّزَةُ: و يجدر أن يُبَوَّأ هذا المعيار مرتبة "سَيِّد المعايير" فلا  يعقل إسناد مهمات سامية إلى أشخاص عديمى أو ناقصى الكفاءة العلمية كما كان -و ربما مازال- متواترا و هو السبب الرئيس فى تردى المرافق العمومية؛

2. الأمانة و النظافة التسييرية:و يقصد بهذا المعيار اعتبار حيازة المتأهل للوظائف السامية شهادة خُلُوٍّ من السوابق التسييريةصادرة  و مؤشرة من مؤسسات الرقابة المالية: محكمة الحسابات؛ المفتشية العامة للدولة والمفتشية المالية معيارَ صحةٍ لأهلية التعيين بدونه يكون التعيين مستحيلًا .

ثانيا-المعايير الترجيحية:و كلما توفرت و تأكدتْ معايير صحة الولوج و التعيين بالوظائف الإدارية السامية لَزِمَ تنقيح المعايير الترجيحية والتى  من أبرزها حسب الترتيب :

1.التوازن التشاركي:و يعنى هذا المعيار الانتباه إلى  تفادى توطين  أغلبية الوظائف السامية  لدى عرق أو منطقة أو شريحة معينة و العمل على ترجيح كل ما من شأنه ضمان عدالة توزيع و انتشار و تشاركية  الوظائف  الساميةحسب  الأعراق و المناطق و الشرائح،...

2.التمييز الإيجابي:  أَوْكَدُ التمييز الإيجابي كمعيار ترجيحي يجدر أن يخصص للشرائح التى عانت "غبنًا حقوقيًا" كضحايا رواسب الاسترقاق كما أن التمييز الإيجابي وارد لصالح جنس النساء و فئة الشباب.

3.التجربة اللازمة:قد يقول قائل إني أخرت التجربة (و هي شقيقة الخبرة و الكفاءة)و هو قول ظاهرُ الوجاهة لكني إنما قصدت  تقليل  شروط الصحة و حصريتها على الكفاءة العلمية و النظافة التسييرية كما أردت إبراز أهمية "التوازن التشاركي"و التمييز الإيجابي اللذين يبدوان ناقصين فى المشهد الإداري،و الجدير بالتنويه أن تصنيف و ترتيب  هذه المعايير لا ينقص من أهمية التجربة شيئًا فكفاءة علمية بلا تجربة  كالعلم بدون العمل به.

23. يوليو 2020 - 19:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا