فـدت المنائر كلهن منـارة ** هي في فم الدنيا هدى وتبسم
مـا جئتها إلا هداك معلـم ** فوق المنابر أو شجاك متيم
بيروت ما ذرفت عيونك دمعة ** إلا تلقفها فؤادي المغـرم.
الأخطل الصغير
يوم 4 أغسطس/ آب سنة 2020 كان يوما عصيبا على الأمتين العربية والإسلامية، وعلى الإنسانية جمعاء! فقد نزلت بساحة لبنان العظيم الجميل المجاهد المقاوم كارثة لا مثيل لها في التاريخ؛ ألا وهي انفجار عاتٍ كالزلزال دمّر مرفأ بيروت العتيد وكثيرا من أحيائها تدميرا شاملا، وأدى إلى سقوط نحو مائتي شهيد وخمسة آلاف جريح، وأسفر عن كثير من المفقودين وبقاء خمسمائة ألف شخص بلا مأوى؛ ناهيك عن فداحة الأضرار المادية والمعنوية التي من ضمنها حرمان لبنان في ظروف الأزمة الاقتصادية والحصار الأمريكي - ويده على الزناد- من خدمات أول وأعرق مرفأ في المنطقة!
بيد أن لبنان الذي شكل تاريخه ملحمة صمود وتحدٍّ عبر الزمن وانتصارٍ على العاديات؛ والذي انتزع حريته واستقلاله من المستعمر، وانتصر على الحروب الأهلية والاجتياحات الإسرائيلية، وحرر الجنوب وهزم عدوان تموز 2006 وخلق موازنة رعب مع العدو الإسرائيلي، قادر على أن يضمد جراحه ويتجاوز هذه الكارثة وينتصر عليها كما انتصر على غيرها من التحديات الجسام، وسيأخذ منها العبرة فيخرج من نفق الدمار والحصار والأزمات الأخرى أكثر قوة ومناعة وعنفوانا وتلاحما وتضامنا وثقة في المستقبل بإذن الله. ذلك أن إرادة الصمود والتحدي وبناء وتعمير ما دُمِّر موجودة، والحكمة والعبقرية والقيادة الرشيدة الراغبة في ذلك والعاكفة عليه متوفرة، والقوة التي تحميه ساهرة بالمرصاد!
ولا يبقى إذن سوى العامل الخارجي المتمثل في واجب دعم لبنان في محنته دعما عاجلا أخويا وإنسانيا غير مفخخ ولا مشروط.
فبذلك وحده نكون قد أعربنا عن تضامننا مع لبنان المفجوع، وقمنا بمواساته في نكبته، وأدينا واجبنا اتجاهه، وساهمنا (كل من موقعه وحسب إمكانياته) في دعم صمود قلعة ومنارة المقاومة، وحماية بيضة الأمة وراية نصرها الخفاقة!
وعليه فإن رسائل التعزية والتضامن لا تكفي في هذا المجال؛ بل على الدول والأحزاب والهيئات أن تبرهن بالفعل المتمثل في مد يد العون في الوقت المناسب للبنان المنكوب حتى ينهض من كبوته.