خطاب الرئيس..وخطة ماوتسيتينغ / محمد ولد سيدي 

كثيرة هي التجارب و الخطط التنموية التي غيرت مجرى التاريخ والأمم ،من خطة مارشال للنهوض بأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، الى خطة المارد الصيني ماوتسيتينغ، ثم توالي الخطط في أركان شتى من العام، من النمور الآسيوية الى دول أمريكا اللاتينية، وبين هذين القطبين، توجد نماذج، وتجارب ناجحة في تركيا ورواندا والإمارات العربية المتحدة، ولكن، شتان بين أمة لا تبدع إلا في القول الشعري، و بين أمم تحول المستحيل الى واقع!

في الأول من مارس سنة 2019 أعلن الجنرال المتقاعد محمد ولد الشيخ الغزواني عن ترشحه لرئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وخطب خطابا في غاية الروعة والجمال شمل من بين مااشتمل عليه مطالب المعارضة والحقوقيين، ومشاكل المهمشين والمغبونين، فضلا عن حزمة مطالب العمال البسطاء و،العاطلين عن العمل ،ولما تحول الحلم الى حقيقة، لم يعد للثنائية القديمة من مكان البتة، فتجدد الوعد في خطاب الفوز وتأدية اليمين الدستورية، ومابعد جائحة كورونا.

عندما تنتصر الإرادة، يمكن تخطي كل الصعاب، مهما كانت التراكمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية...

السياسة خطط، وبرامج، تنفذ، منها ما هو قريب الى متوسط المدى، ومنها ما هو بعيد المدى...لقد أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب تجديد العهد عن خطة إقتصادية نصف عهدية، اي سنتان ونصف عن رصد 240مليارا أوقية، وإذا كتب لهذه الخطة النجاح، فإنها ستكون الأسرع في العالم. 

في سنة 1949 حكم ماوتسيتينغ جمهورية الصين الشعبية واتبع خطة خماسية، وأخرى عشرية، مابين 1952الى 1957 تمثلت في توجيه البرامج التنموية الى الصناعات الثقيلة، و التعليم والصحة و الزراعة والنهوض بالريف والبحث العلمي.

حكم ماوتسيتينغ 26سنة تقريبا، عبد فيها الطريق لمن خلفه حيث أصبحت الصين القوة الأقتصادية الثانية إن لم تكن الأولى عالميا، فهي وحدها من هزمت جائحة كورونا،وهي وحدها المسيطر الأول على السوق العالمية، 

مابين 1949 الى 2007 تغيرت معادلة النمو الاقتصادي والاجتماعي في الصين من 90% معدل نسبة الفقر الى 10% سنة 2019 أي حوالي 800 مليون وزيادة من الطبقة الوسطى.

إن مشكلة موريتانيا لا تكمن في قلة الموارد الأقتصادية، ولا في قلة الموارد البشرية، فهذه أصبحت في المتناول، فحملة الشهادات والأدمغة السابحة من أجل لقمة العيش، هم من يبنون أقوى الأقتصاديات اليوم، في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، وآسيا...

لم يتطرق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب تجديد العهد البارحة الى أهم القطاعات الحيوية، كالتعليم، والصحة، والزراعة بشكل يبعث الى الإرتياح، وعليه، فإن ضخ 20مليار في التعليم، و20مليار في الصحة، من 240 مليارا أكثر جدوائية من برامج تذهب أغلبها في جيوب المتمكنين من أصحاب النفوذ، أين مشروع السكر، وأين تصدير الخضروات والفواكه الموريتانية؟ 

أفضل خطة أن تتولى الدولة زراعة الأرض، فلديها الموارد، واليد العاملة، وبإمكانها استجلاب ماينهض بالزراعة، ولن يتحقق الإكتفاء الذاتي إلا بهذه الطريقة، فكل الطرق السابقة أثبتت فشلها. 

إن التحدي الأكبر للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني هو محاربة الفساد، والتحدي الثاني هو استعادة الأموال المنهوبة، والتحدي الثالث، هو تطهير الإدارة من المفسدين، والتحدي الرابع هو التقارب بين الطبقات الإجتماعية، والتحدي الخامس هو حذف المغبونين والمهمشين من الخطاب السياسي، فلماذا مهمشون، ولماذا مغبونين بعد ستين سنة من الإستقلال؟ 

لم يعد التمكن من اللغة، والفصاحة يجديان من الفقر، ولا التحدث بلغة قس سعيد الأيادي، أو بديع الزمان الهمذاني...

موريتانيا تحتاج الى إرادة حقيقية، للنهوض بها، ولا يتطلب الأمر جهدا كبيرا، فالثروات موجودة، والأرض تخرج من أثقالها من حين لآخر، المشكلة الوحيدة، المعيقة هي الفساد، والمحسوبية، ولن نتقدم قيد أنملة مادام المفسدون يجلسون في الصفوف الأمامية، ويعاد تدويرهم من حين لآخر، مهما كثرت الثروات ...

لا تنمية بوجود الفساد، ولا تقدم...

السياسة خطط، وبرامج تنفذ، وعقوبات للمخالفين، ومصادرة للأموال المنهوبة،و هذه، هي الأرضية التي نهضت بها كل الشعوب الخلاقة.

3. سبتمبر 2020 - 18:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا