شاركت السبت 24 أكتوبر 2020 فى ندوة نظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية حول موضوع "تموقع موريتانيا بشبه المنطقة" شملت خطابا افتتاحيا و محاضرة تمهيدية و مداخلات تعقيبية مفيدة لفهم تاريخ و حاضر و مستقبل مكانة موريتانيا ضمن شبه المنطقة.
وقد أتيحت لي فرصة التدخل بهذه الندوة فبيَّنْتُ ابتداء أن عنوان اللقاء محصور جغرافيا بكلمة "شبه المنطقة"(sous region)والتى يقصد بها المغرب الغربي و منطقة غرب إفريقيا وكل معالجة خارج ذَيْنِكَ الحيزَين الجغرافيين قد "تكون خارج الموضوع".
كما أوضحتُ أن المكانة الدبلوماسية لموريتانيا بشبه المنطقة يمكن تقييمها بأنها "مكانة حسنة لكنها يمكن أن تكون أحسن" ومن دلائل مقبولية وحُسن المكانة انتهاج موريتانيا سياسة النأي بالنفس عن "اصطفاف المحورين"بالمغرب العربي و اعتمادها مقاربة "العودة لكن التدريجية" للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا CEDEAO/ECOWAS.
و النأي عن "اصطفاف المحورين"بالمغرب العربي موقف موفق وصعب و يتطلب إتقان المشي على البيض و الرقص على الأحبال الشائكة والآلات القاطعة( jouer au funambules) كما أن خيار العودة التدريجية لمنطقة غرب إفريقيا موقف حصيف رغم ضغوط واستعجال عديد اللوبيات الوطنية للعودة غير المدروسة و غير الخالية من المخاطر.
و رغم التوفيق فى اختيار التموقعين الدبلوماسيين بشبه المنطقة فإن بعض الاقتراحات الواقعية و القابلة للتنفيذ و التى لا تتطلب موارد مالية -فوق المتاح و المستطاع-يمكن أن تعزز المكانة الدبلوماسية للبلد و منها:-
أولًا-تعزيز قدرات المدارس و المراكز الموريتانية الموجودة ببعض دول غرب إفريقيا و تعميمها على باقى الدول الأخرى و تحويلها إلى معاهد لتعليم العلوم الشرعية و اللغة العربية لفائدة الموريتانيين المقيمين و الأفارقة غير الناطقين بالعربية و الحرص كل الحرص على تميز تعليمها خريجيها و مخرجاتها تأبيدا للدور الموريتاني التاريخي فى ريادة نشر الإسلام و الثقافة العربية بشبه المنطقة؛
ثانيا-اتخاذ أنجع الطرق-دبلوماسيا- لفتح فروع بموريتانيا لتدريس العلوم الشرعية و اللغة العربية لغير الناطقين بها من طرف الجامعات العريقة المتخصصة فى العلوم الشرعية و اللغة العربية (الجامعة الإسلامية بالسعودية،جامع الأزهر بمصر، مدارس القيروان بتونس،دار الحديث بالمغرب،...)؛
ثالثًا-إنشاء خلية بوزارة الشؤون الخارجية و التعاون و الموريتانيين بالخارج بهدف استكشاف النبهاء و المشاهير و النافذين من الموريتانيين المقيمين بشبه المنطقة و ذوى الأصول الموريتانية ابتغاء ربط العلاقة بهم و حسن توظيف قدراتهم فى تعزيز العلاقات بين الدول؛
رابعًا--مزيد تمهين و تمويل البعثات الدبلوماسية ذلك أنه كلما كُلِّفَ بالبعثات الدبلوماسية القادرون على حسن إدارتها مهنة و كسبًا أو ذكاء و موهبة كانت الدبلوماسية ناجعة و المكانة محمودة و يجدر التنويه بالجهد الكبير الذى بذله القطاع المكلف بالشؤون الخارجية مؤخرًا فى تمهين و ترفيع الحقل الدبلوماسي و تعزيز قدراته اللوجستية و المالية بغية ترفيع أنسب للمكانة الدبلوماسية للبلد؛
خامسا-اتخاذ اللجنة المستقلة للانتخابات ووكالة الوثائق المؤمنة مبادرة باستكمال إحصاء الموريتانيين المتواجدين بشبه المنطقة بغية تمتعهم بوثائقهم المدنية و اضطلاعهم بحقوقهم الانتخابية و انتخاب مكاتب للجاليات تدافع عن حقوقهم بدول المهجر و تساهم فى تعزيز العلاقة بين موريتانيا و دول الإقامة.