يقال أن السياسة فن الممكن....هي لعبة،هي التحكم في خيوط المجتمع، والسيطرة، وبسط النفوذ....
الإعلام يضلل، ويهدم، ويبني، ويقوم الإعوجاجات، في هذا المكب كل أخطاء الأنظمة تعود الى الإعلام أولاً،قبل السياسيين...
السؤال المطروح للإعلاميين والكتاب بمافيهم المدونين ماالجديد بعد ولد عبد العزيز،إذا استثنينا، المسحة الأخلاقية؟
في موروثنا الشعبي: لحمار امنين يشرب، يسو اعليه الحاسي يدكدك!
كل المشاكل تمت حلها، بمجرد أن التقى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قادة المعارضة؟
لا يعاني هذا البلد من مشكلة، أصعب من مشكلة الفساد، بالأمس في اجتماعه مع لجنة صندوق كورونا، وبحضور الملمعين الجدد، والضيوف الجدد، الذين رموا أفكارهم النيرة عرض الحائط، اعترف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، نفسه بوجود اختلالات في تسيير صندوق كورونا في فترة لايجوز فيها مثقال ذرة من الفساد، فترة جائحة كورونا، التي أهلكت الحرث والنسل، كما أهلك الفساد والمفسدين ساكنة بلد قليل السكان، كثير الموارد الأقتصادية، المتنوعة، بلد كثير المديونية، يحسب في تصانيف مؤشرات التنمية، والحكامة الرشيدة، مع الدول الموبوءة، الصومال ومالي واليمن والسودان وبوركينا فاسو والنيجر....
اللحظة التي لا توجد فيها معارضة، ولايوجد فيها تظاهر ولا احتجاجات ولا وقفات ولا المطالبة بإسقاط النظام ولا حملات تشويه النظام داخليا وخارجيا هي أفضل اللحظات بالنسبة لنا لأننا نعي معنى الوحدة الوطنية وأهمية التلاحم والتعاضد والوفاق إطلاقا من قيمنا الدينية والأخلاقية ووعينا بالمسؤولية الجسيمة التي أملتها علينا ظروف المغبونين والمحرومين والمهمشين ،وفرضها علينا حب الوطن، والخير لكل المواطنين، فهذا الوطن يستحق علينا الكثير، وإذا لم نبح بآلامه ومآسيه نكون قد عقناه ولاشيء أسوأ من عقوق الأوطان...
المسحة الأخلاقية، يجب أن تتجلى في العمل، في الكفاءة، في الرجل المناسب في المكان المناسب، في محاسبة المفسدين، في استرجاع الأموال المنهوبة، في زمن الجائحة، أطيح بوزراء في إفريقيا وآسيا ودول أمريكا اللاتينية بسبب صفقات التراضي، هذه هي المسحة الأخلاقية الحقيقية، مايجب أن يكون، من أين لك هذا؟ كم من صفقات التراضي وقعت في زمن الجائحة خلال الموجة الأولى؟
المسحقة الأخلاقية تتجسد في العمل، وتترجم ميدانيا على أرض الواقع...
لم نتأخر إلا بسبب عدم مراعاة أخلاق العمل، من نهب ثروات الشعب، وأموال الشعب، وخيرات الشعب، وعمل بالمحسوبية والقبلية وغذى الرجعية وكرسها، ممثلة في صندوق المشيخة التقليدية؟
الآن، وبعد أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فإنه لافرق بين ولد عبد العزيز، وولد الشيخ الغزواني إلا في التعاطي مع المعارضة، لا غير، وبالتالي فإن المسحة الأخلاقية كما تجلت في فتح الباب أمام المعارضة لدخول القصر الرئاسي، والحضور في المناسبات الرسمية،ولبت النداء مشكورة، ورمت بمطالبها أمس عرض الحائط، فإن المسحة الأخلاقية، لا تكتمل إلا بإستعادة الأموال المنهوبة، وسجن مختلسي المال العام سواء في عهد ولد عبد العزيز، أو في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أو ماقبلهما، ف ميزانية 2019 التي تربو على 700مليارا أوقية لم تنعكس إيجابيا على حياة المواطن، فلا مشاريع كبرى شوهدت، ولا أسعار المواد الغذائية الأساسية إنخفضت، صحيح تحملت الدولة تكاليف المياه والكهرباء عن الريف، وشهرين في المدن الكبرى إلا أن القطاعات التي ترتبط بحياة المواطن ظلت تحافظ على رداءتها كالصحة والتعليم والمياه والكهرباء والزراعة التي دفعنا ثمن إرتباطنا بالمنتجات الزراعية المغربية حيث أصبح تزويد السوق المحلي بالخضروات الأجنبية إنجازا يوثق بصور للوزراء المعنيين في الوقت الذي تمتلك فيه البلاد أكثر من 16000 هكتارا على ضفاف نهر تمتد عليه أربع ولايات من ولايات الوطن.
هذه صور، من كنوز عصر المواجهة مع النظام من أجل محاربة الفساد، والإستبداد، والغيرة على الوطن، وتنبيه الحكومة على أخطائها، فهل من المسحة الأخلاقية، أن الصمت في وقت البوح والتنبيه؟
يوم توافد هؤلاء جرحى الى مستشفيات العاصمة، كنت يومها في المستشفى الوطني أجلس عند رأس أخي في آخر لحظات أنفاسه وهو مصاب بجلطة دماغية،أواخر شهر يوليو سنة 2017.
رغم الخيبة بعد إعادة الثقة في المتهمين بالفساد، ومن تلطخت أياديهم بالمال الحرام، فإن التفاؤل يبقى ،ولن ينتصر إلا إذا إنتصرت الحكمة، عندها سيكون للمسحة الأخلاقية معنى، كما سيكون للعهد معاني أخرى، لابد من قطيعة حقيقية مع فلسفات اتهيدين على القليل والمهرجانات الكرنفالية ،فالبلد مازال بعيدا عن مسايرة الركب مادام الإكتفاء الذاتي لم يتحقق، ومادام الدواء مستورد، والجسور المعلقة، والسكك الحديدية، وميتروهات الأنفاق.