3. في ذكرى حركة 16 مارس الوطنية المجيدة
... الآن وقد عبَرت بلادنا إلى بر الأمان، بفضل الله سبحانه وتعالى وشجاعة وسمو همم قادتها وأبنائها وحكمة شعبها، وحققت الاستقلال عن هيمنة الدول الكبرى والجوار، وأعادت بناء ورص الوحدة الوطنية، وحاربت الفساد وانتصرت على الكثير من عوامله وسلكت طريق النهضة والبناء، وسارت شوطا لا بأس به في ميدان إسعاد شعبها والعناية به... وها هي ذي تخطو خطوات واسعة - ومضمونة بإذن الله- على طريق التداول السلمي للسلطة وبناء وترسيخ دولة المؤسسات والقانون، فإن من المزري حقا أن نظل نتعامى ونهمل - وقد نهضنا من كبوتنا الأليمة القاسية- أبطالا رفضوا الهوان وضحوا بأرواحهم من أجل إنهاء الانهيار والذل والهوان فأشعلوا الضوء الأحمر ووضعوا معالم طريق الكرامة تلك المعالم التي لولاها لما كان 12 /12/ 1984 ولكنا ما نزال سبايا في أيد لا ترحم ولا تعلم ولا تفهم!
أمن العدل أن يعود المسفرون عنوة وظلما إلى الوطن، ويتمتعون بحقهم في العودة، وأن تسوى قضية الإرث الإنساني البغيض فتقدم الأمة الاعتذار والتعويض لذوي الضحايا والضحايا، ولهم الحق في ذلك، وتقيم صلاة الغائب على أرواح شهداء البغي من أبنائها؛ وهذا أقل ما يستحقون! وأن تعالج مظالم آثار العبودية والهدر والتهميش؟ ومعالجته هي عين الصواب! وأن يعاد الاعتبار بعد أمد طويل إلى المقاومة الوطنية البطلة ضد الاستعمار ...إلخ؛ بينما يظل الوطن يتنكر لتضحيات قادة 16 مارس الأبطال: محمد ولد اباه ولد عبد القادر، وأحمد سالم ولد سيدي، وانينغ مصطفى، لحد طمس أضرحتهم وإهمال وتهميش ذويهم! وهم الذين واصلوا مسيرة ونهج الرئيس الشهيد أحمد ولد بسيف الوطني وقالوا لا لسيطرة الخوارج والأجانب على موريتانيا؟
وإنه لمن المخجل حقا أن تكون صحافة البلاد في هذا اليوم الأغر، يوم الكرامة والرفض والتضحية خالية من أي ذكر لهؤلاء الأبطال! ألأنهم حاولوا الانقلاب على الغاصبين؟ ولكن مَن مِنَ قادتنا والمهتمين بمصالح وطننا لم يقم بانقلاب أو يدبره أو يشترك فيه حتى الأمس القريب، وذلك منذ دخول موريتانيا نفق حرب الصحراء وتوابعها؟ وأولم تعلن جهوية انواكشوط أمس تسمية أحد شوارع المدينة على أبي الانقلابات في موريتانيا؟ علما بأن طبيعة الانقلابات هي التي تحدد الموقف منها!
أنا لم أنتم أبدا إلى حركة من أجل موريتانيا ديمقراطية ولم يكن لي علم بحركة 16 مارس لأنني كنت يومها في غياهب السجون والمنافي بسبب رفضي لاختطاف موريتانيا! لكن مواقفي وقصائدي "تلمسي" و"أميرة الفن" و"إلى طاغية" و"هان الكلام" كلها تنضح رفضا وتنديدا باختطاف وإذلال واستعباد موريتانيا والتنكيل بأهلها:
تاريخنا أيها المعتوه شاهـــــدة ** آياته أنـــــــنا لا نخضع الهاما
إنا كبونا وتكبو الخيل عن كرم ** يوما وتنهض للثارات أعواما.
إنني أهيب بأولي الأمر أن ينتبهوا لهذه الثغرة في نهضتنا وتشييد وإعلاء صرحنا الوطني؛ إذ لا يمكن أن تتصالح الأمة وتنهض وتتكاتف ما دام جزء مهم منها مغيبا ومحروما من العدالة وخاضعا لظلم نكران جميله وتضحيته في سبيل بلاده!
كما أدعو قادة حركة "من أجل موريتانيا ديمقراطية" التي نظمت وقادت ونفذت عملية 16 مارس البطولية، أن يتحملوا مسؤولياتهم كما فعل القائد محمد عبد الرحمن ولد امين، أو أن يتبرؤوا علنا من ذلك الشرف فيكون الوطن على بصيرة من أمرهم!