وجه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى خطابا بمناسبة ذكرى الاستقلال ورد به ما اعتبره العديد من المراقبين تجديدا فى المألوف من الخطابات الرئاسية من خلال إبلاغ الرأي العام بما تم إنجازه و هو غير قليل و الاعتراف صريحا و تضمينا أيضا بما تأخرت وتيرة إنجازه منوها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسريع وتيرة و حجم و نوعية الإنجازات.
و سأكتفى فى هذا المقام بالتذكير بأربع ملاحظات تطرق لها الخطاب الرئاسي مبينا الإجراءات و الأفعال التى تبعت سريعا الأقوال مما يطمئن على الحصول على نتائج بوتيرة أسرع و أنجع خلال الشهور و الأيام القابلة إن شاء الله.
أولا-ملاحظة تأخر تنفيذ بعض المشاريع: و هو أمرٌ ذو أسباب بنيوية منها ما يتعلق بأخطبوطية مساطر الصفقات و ما يرتبط بضعف المقاولات الخصوصية،...وقد نوقش الموضوع مرات بمجلس الوزراء و باللجان الوزارية و مع الشركاء الفنيين و الماليين و كُلِّف القطاع الوصيُّ المكلف بالقطاعات الإنتاجية باستقصاء تجارب الدول الناجحة فى هذا المجال و الاستئناس بها مع التبيئة اللازمة..
و بعد الخطاب الرئاسي ترأس رئيس الجمهورية اجتماعات مع أهل الاختصاص و الصلة و وجه بإجراءات قوية و صارمة من شأنها تذليل العقبات و تسريع وتيرة المنجَزِ و من تلك الإجراءات تكليف لجنة يرأسها الوزير الأول بالمتابعة القريبة و الدائمة لتنفيذ الإجراءات الضامنة لسرعة و تسارع تنفيذ المشاريع و البرامج؛
ثانيا-التنويهُ إلى تجذر البيروقراطية الإدارية و واجب أقربيةِ الإدارة من المراجعين: وفى هذا المجال أبلغ فخامة رئيس الجمهورية بأول اجتماع لمجلس الوزراء بعد ذكرى الاستقلال الوزراءَ بملاحظته أن تعليماته بواجب تقريب الإدارة من المواطنين لمَّا تتم ترجمتها إلى قطيعة تامة مع البيروقراطية و وجه بتنويع الإجراءات الضامنة لمزيد تيسير نفاذ المراجعين إلى الخدمات العمومية و تفعيل رقابة المواطن على الشأن العام و خدمات كل قطاع وزاري و خصوصا القطاعات الوزارية ذات الصلة بالمراجعين الأكثر هشاشة؛
والقطاعات الوزارية عاكفة على تصور مساطر و إجراءات من شأنها محاربة البيروقراطية و المنافسة الإيجابية فى تيسير نفاذ المراجعين للخدمات العمومية؛
ثالثا-التنبيه إلى أن الوقاية من الفساد شِرْعةٌ لا شعارٌ: بيَّنَ رئيسُ الجمهورية خلال الخطاب الرئاسي بذكرى الاستقلال أن محاربة الفساد خلال هذه العهدة شِرْعَةٌ ثابتة و ليست شعارا شعبويا تصفويا و بعد أيام تم ترفيع "الإيواء المؤسسي "للمفتشية العامة للدولة بحيث أضحت تابعة لرئاسة الجمهورية كما منحت واسع الصلاحيات و واسع النظر فى تعزيز القدرات الكَفاءاتية لضمان نظافة تسيير المال و لا أستبعد أن تكشف الأيام القريبة عن اتجاهات قوية فى هذا المجال؛
رابعا-التذكير بأولوية الشباب بمنافع السياسات العمومية: ذكر الخطاب الرئاسي بأولوية و أسبقية الشباب بالسياسات العمومية و أيامًا بعد الخطاب تم الإعلان عن خطة وطنية لتشغيل الشباب بلغت 20مليار سنويا من ميزانية الدولة و 14 مليار موجهة للشباب الأقل حظا فى التمدرس و إعانة للشباب الخريجين المُنْهين مسارهم الدراسي تمتد ستة أشهر تعينهم على الانتقال من عالم الدراسة إلى عالم الشغل أضف إلى ذلك قرارات أخرى من مثيل إعادة هيكلة المجلس الأعلى للشباب بما يضمن تصحيح الاختلالات الملاحظة بخصوص المشروعية و الأقربية و الأنجعية،،..
يتضحُ مما سبق أن ما لاحظه بعض المراقبين من تجديد فى الخطاب الرئاسي
الأخير كان صائبا و أن هذه العهدة الرئاسية قياسا على ما سبق منها ستكون عهدة الإنجاز و الصدق و التقييم و التقويم و الاعتراف بالأخطاء و الاختلالات و تصحيحها من غير تهويل و لا تهوين و من غير شعبوية لكن بالتسلح بثقافة النتائجية و الإنْجَازِيَّةِ و العدل و الإنصاف و الانحياز القوي لضحايا رواسب الغبن و الإقصاء و الحرص كل الحرص على أن لا يُغْبَنَ و لا يُظلم أحد.