لهذه الأسباب كانت زيارة الرئيس غزواني للجزائر غير عادية / محمد المختار ولد محمد فال

رغبة الجزائر العارمة في استرجاع ديناميكية ديبلوماسيتها السابقة، وكسب نقاط على حساب جارتها المغرب، قد تكون الغابة التي تخفي وراءها الإستقبال غير العادي والحار، الذي خصصته للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بغية كسبه حليفا، يشعرها بمستوى من التوازن السيكولوجي، إثر تزايد القنصليات الإفريقية في العيون والداخلة، وبعد صدمة الموقف الأمريكي، المناصر للمغرب في قضية الصحراء، التي تطبخ على نارها عمليا هذه الأيام مواقف جارتينا الشماليتين، الشيء الذي دفع بالمراقبين إلى أن ينظروا إلى هذه الزيارة بكثير من الترقب- إن لم نقل التوجس، لأنها:

- أولا تختلف عن أي زيارة قام بها رئيس موريتاني إلى الجزائر، بفعل حجم التوتر الحاصل بين جارتي موريتانيا في الشمال، توتر، جعل غالبية المشفقين يضعون أيديهم على قلوبهم، خوفا من نشوب حرب تدمر الأخضر واليابس في المنطقة.

- وثانيا، لكونها قد تحدث اختراقا في جدار الأزمة المتفجرة بين الجارتين الشقيقتين، بعد أن تحدثت وسائل إعلام فرنسية عن رغبة موريتانية في القيام بوساطة، تخفف من الغليان الحالي.. ولسابق إعلان موريتانيا أيضا عن تبنيها لحياد إيجابي، اتجاه الصراع في الشمال.. خطوة ستجني منها موريتانيا- إن هي نجحت- فوائد عديدة، سياسية واقتصادية وأمنية، تعيد لها ألقها السياسي، الذي صنعه الرئيس الراحل: المختار ولد داداه.

- أما العامل الثالث، فهو اقتصادي بحت، ينبعث من حجم الغلاء الشديد، الذي تعرفه الأسواق الموريتانية هذه الأيام، الشيء الذي يقوي الطلب على المنتجات الجزائرية رخيصة الثمن، والتي أضحت أكبر كابوس لبارونات الإحتكار في نواكشوط.

- العامل الرابع، ينبعث من خشية البعض من خطوة، قد يسيء الطرف الآخر فهمها، أو تجعله يتشكك في صدقية الموقف المورياني من صراع الإخوة الأعداء.. رغم ضآلة هذا الإحتمال، ومراهنة البعض على اعتدال الرئيس غزواني.

إن الصحوة التي ظهرت لدى جوارنا الشمالي، والإدراك المتأخر لأهمية موريتانيا- لا كسوق واعد فقط، وإنما كبوابة لا غنى عنها للوصول إلى أسواق غرب إفريقيا، التي ستندمج مع السوق الموريتاني، مستهل 2022، الشيء الذي غير نظرتهم لموريتانيا، من دولة هامشية إلى بلد يمثل بوابة للخير الوفير.. وما قصة غاز نيجيريا المتجه نحو المغرب، وسكة حديد لنقل خامات الحديد الجزائري عبر ميناء نواذيبو عنا ببعيد.
فسياسة الحياد الإيجابي، هي أفضل موقف تتخذه موريتانيا، التي فرضت عليها أوضاعها الخاصة أن تسير على الأشواك والحبال، اتجاه معضلات المنطقة المشتعلة شمالا وشرقا، والتي تتداخل ساكنتها مع شعبها أفقيا وعموديا..لكن محدودية وسائلها جعلت منها، مجرد متفرج سلبي، عاجز عن الفعل والتأثير، ضحى برزمة من الأوراق، كل واحدة منها، كفيلة بأن تجعل من بلادنا لاعبا مركزيا.
وأمام واقع كهذا ليس أمام موريتانيا إذن، سوى الحياد الإيجابي، لكي تكسب من العلاقة مع كل طرف وتتجنب شرور وشرارات أزمات منطقتنا المشتعلة.

 

محمد المختار ولد محمد فال- كاتب صحفي
28/12/2021

7. يناير 2022 - 10:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا