كان الرئيس أوباما أثناء عرضه لبرنامجه الانتخابي، يتصل بأرقام عشوائية للحديث مباشرة إلى العائلات الأمريكية لشرح برنامجه الانتخابي وطلب التصويت له.
اتصل ذات ليلة بأرملة وأم لثلاثة أطفال معاقين، لم يدم الاتصال طويلا.
فقد اخبرته بأنها لا تمتلك الوقت الكافي لسماع عروضه الانتخابية، فكل ما تعرفه أنها مشغولة طوال اليوم من أجل رعاية وتأمين مصاريف أطفالها.
أغلقت الهاتف وأكمل الرئيس حملته.
بالفعل كانت تلك السيدة محبطة من حديث الساسة، لكنها كانت تتحدث إلى أول رئيس أمريكي يتجاوز فلسفة "الحزبين" بشكل مباشر دون اختلاق فلسفة سياسية مغرورة.
كانت كل الدوائر الليبرالية والراسمالية مستاءة من مشروع أوباما لأنه كان يعتقد أن إزالة اعباء الفقراء هي أفضل طريقة لتحريك قاطرة الاقتصاد بشكل جذري وآمن.
كان سلفه نهما للفلسفة الامبراطورية من خلال بناء علاقات قوية مع مصدري النفط والسيطرة والتوجيه والأحلاف والهيمنة على صناعة القرار العالمي .
كل ذلك أمن لأمريكا أموالا خرافية لكنه وضعها على فوهة البركان.
اعتقد منظرو "الحزبين" بأن أوباما يتحدث عن مشروع " الحماية الاجتماعية" في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من كساد وإفلاس خانقين.
كان أوباما يفكر بمنطق آخر.
قبل سنوات كنت كثير الحديث عن مخاوفي من التركيز على الإنشاءات في ظل أزمة اجتماعية خانقة، وكنت أرى في ذلك المسار خطورة بالغة، إذ تعتمد سياسات كتلك على التأصيل السياسي للإنجاز بينما كنت أميل إلى افضلية التأصيل الاجتماعي.
فالتشييد في بلد مكتظ بالفقراء يعد تجاوزا للتسلسل الطبيعي لانتظام الأحداث.
لكن وضع عائلة فقيرة على مسار النمو، كفيلٌ ببناء بيت واقتناء سيارة ..
وهذا هو الفرق بين الخيار السياسي والخيار الاجتماعي.
اعتقد اوباما أن تحمل الدولة لأعباء الفقراء يعني بالضرورة تحقيق نجاعة ليبرالية اكبر من حيث تعزيز قدراتهم الشرائية وتحفزهم لتحقيق بعض التقدم نحو "جرأة الأمل".
لقد اعتمد نظام غزواني ذات المقاربة حول بناء اقتصادى يبدأ بصلابة وأمان من القاع ويتأسس على اندفاع الفقراء نحو الأمل ومساهمتهم في تحقيق النمو.
هذا ليس عملا سياسيا بالمطلق، وقد اعتدنا على الحشد السياسي ودفع ثمنه من خزائن الأمة.
لقد اختار غزواني الطريق الأفضل وهو يدرك أنه ليس الأسهل.
" ستجدون برامج انتخابية أفضل من برنامجي"
لقد كان يدرك خطورة السياسة على الاقتصاد، ويدرك أن الحشد السياسي يثمر نجاحا سياسيا مؤقتا لكن يزرع في قلب المستقبل أمر الخيبات.
لذلك من الطبيعي أن يتوقف الساسة - كل الساسة - عند توجه غزواني.
فعلى ماذا أجمعت كل هذه الشخصيات النضالية التي شهد لها تاريخ البلاد بالوقوف عقودا في وجه كل الأنظمة السابقة؟
مالذي اقنع الأحزاب والساسة من يمين اليسار حتى يسار اليمين، في سياسة غزواني حتى وضعوا عتاد المواجهة السياسية الذي حملوا الويته لعقود من الزمن؟
احمد ولد داده رجل الدولة و الاقتصاد الذي عجزت كل الأنظمة عن كسر مبادئه ولم يتحيز يوما لحماس البدايات لأنه كان يرى بعين الاقتصادي الخبير مآلات المشاريع السياسية..
جميل منصور، الذي فضل التعريد خارج سرب " الجماعة" بالرغم من كل جهوده وتاريخه في "التربية" على السير خلف القادة.
بيرام الداه عبيد، الحقوقي الذي لم يلن أو يستكن لأي نظام..
والقائمة طويلة بكل الأسماء والصفات.
لماذا أجمعت النخب النضالية والحقوقية بكل تاريخها وشرفها وبصيرتها على مشروع غزواني؟
بالطبع لن تكون الإجابة سريعة لكنها ستكون الأفضل..
تماما كما قال اوباما وهو يمخر عباب ازمة الرهن العقاري والحرب في أفغانستان والعراق واعباء جوانتانامو واسوء حقب العلاقات الامريكية.
حين بدأ كل المعالجات بتوفير " الأمل" للفقراء.
في الدول الفقيرة لا يعد بناء المستشفى هو التحدي الأكبر ولا حتى الخيار الافضل. وإنما جعل الفقير قادرا على تحمل نفقات العلاج.
لذلك اختار غزواني المسار الأفضل، لأنه سيمكث في الأرض.
يتواصل