لقد برهن برنامج تعهداتي عن صلابته في وجه التحديات التي عصفت باقتصادات العالم على الرغم من أن هذا البرنامج قد تم تصميمه قبل ظهور وتطورات أزمة كوفيد الطارئة.
ولتقييم أي برنامج أو رؤية تنموية لابد من اختبار مرونته وقابليته لامتصاص التطورات الحرجة.
ولقياس نجاعة هذا البرنامج ( تعهداتي) بأداة المقارنة التي تعتمد على مصداقية التزامن والتشابه بينه وبين ظروف برامج اقتصادية مختلفة عنه من حيث المرتكزات ومشابهة له من حيث الظروف وفي نفس الفترة ( المتميزة بأزمة عالمية).
ففي مصر اعتمد نظام السيسي على التشييد والبناء وإنجاز المشاريع البنيوية التي بدت في أول عهده وكأنها بواكير تحول اقتصادي كبير ومتفرد.
وعلى الرغم من بريق الواجهة الدعائية المنطقية لهذه التوجهات ( بناء المدن الحديثة والقطارات والطرق والمجمعات السكنية والسياحية... الخ) إلا أن البنية الاجتماعية كانت تحت وطأة التكاليف العالية لهذا التوجه التنموي الكبير.
فقد تآكل المدخر الاجتماعي نتيجة تعويم العملة وسياسة الاقتراض والإنشاء.
وهي جملة من السياسات تتجه بموجبها الثروة لكبار المستثمرين والمقاولين بينما تعصف بسياسات التوظيف ودعم الرواتب والسلع الضرورية.
لقد وقف حمار النخبة الحاكمة في العقبة كما يقال، وقرر الرئيس المصري إيقاف كل المشاريع الإنشائية بالكامل وفورا.
لقد هبط سعر الجنية وتآكلت ثروة المغتربين وفقدت الودائع قيمتها الأصلية وتضاعف حجم الديون الخارجية وفوائد وعائدات هذه الديون الحديثة.
أما في الصومال فقد كان شكل التنمية لافتا على حساب المضمون الاجتماعي الهش أصلا.
لقد تحدث الاعلام العربي عن المجمعات السياحية والسكنية الحديثة وعن الواجهات الحديثة للمسارح والهيئات الوطنية وعن الحدائق والمنتجعات .
لقد كان الصوماليون بحاجة لكذبة اقتصادية تعزز الأمل في نفوس محبطة ويائسة.
لذلك كانت تنمية المعتقد ( وهم الإيجابية) اهم لدى النخبة الحاكمة من مواجهة التحديات الاجتماعية الخطيرة.
وسرعان ما ظهرت النتائج على السطح، وهذه المرة على شكل انفجار حقيقة الندرة على وهم الطفرة وبدأ الاقتتال وتحول المسرح القومي إلى ثكنة عسكرية كما حصل سابقا.
لقد اثبتت سياسة غزواني أن نجاعة الاستثمار مرتبطة بأمان المجتمع وعدالة توزيع الثروة.
لقد تم توجيه الثروة بشكل مباشر للفئات الأكثر حرمانا من الحقوق والأكثر حاجة للدعم، وفي المقابل تم تقليص المشاريع الإنشائية التي تستنزف ميزانيات ضخمة ولا يستفيد منها بشكل مباشر سوى الأثرياء ( المقاولين والموردين) بينما تنحصر نجاعتها في المستوى الاستراتيجي العام.
لقد اثبت الرئيس أن الاستثمار السياسي للإنجاز التنموي مرتبط بقيمة المنجز وفق الحاجة له لا وفق صلاحيته للحديث الاستعراضي الدعائي .
وعلى الرغم من التوجه الواضح لدعم و تأمين الثروة الوطنية وتعبيد العلاقة بينها وبين الفئات الأكثر حاجة وحرمانا، إلا أن برنامج تعهداتي لم يتعثر ولم يتم التخلي عن أي بند من بنوده ولا تأجيله أو ترحيله.
لقد تضاعف الدخل القومي في أوج الأزمة العالمية وسجلت في عهد غزواني أكبر ميزانية في تاريخ البلاد.
لقد كان التحدي كبيرا لكننا حققنا الكثير من المفارقات النموذجية، وهذا ما يؤكد نجاعة الرؤية ورويتها ومرونتها وانفتاحها على كل طارئ، في ظرف دولي انهارت فيه الاستراتيجيات التنموية الكبيرة نتيجة الخطأ في تقدير الأزمة وأبعادها.