إلى أين تتجه موريتانيا ؟ (رؤية غربية) / عبد القادر ولد الصيام

عبدالقادر ولد الصيامطرحت بعض وسائل الإعلام و وكالات الأنباء الوطنية المستقلة موضوع "إلى أين تتجه موريتانيا" للنقاش و قد ساهمت في نقاش الموضوع شخصيات وطنية مستقلة و سياسية (من الأغلبية و المعارضة ) و قد اطلعتُ على معظمها , كما اطلعتُ حديثا على هذا الموضوع الذي نُشر يوم 4 يونيو 2012 على موقع :

Africa.com

فأحببتُ ترجمته مساهمة في الإطلاع على وجهة نظر أخرى من شخصية مستقلة و ذات خبرة في المجال).

ترجمة المقال:

موريتانيا القليلة السكان و المتنوعة العرقيات بلد يقع في الركن الشمالي الغربي لإفريقيا . و قلما تجلب اهتمام صناع القرار الغربيين ما لم يتعلق الأمر بالهجرة (السرية) و المسائل المتعلقة بالإرهاب, و مع ذلك فإن تجربة البلاد التعددية بين سنتي 2005 و 2008 و الانقلاب الذي نجم عنها و أنهى هذه التعددية تجعلها حالة هامة تستحق الدراسة في منطقة الساحل الفقيرة.

عندما فاز سيدي محمد ولد الشيخ عبدَ الله في انتخابات البلد الرئاسية سنة 2007 كانت تلك أول مرة يختار فيها الشعب الموريتاني رئيسا مدنيا. و قد تم إيقاف ذلك العصر الديمقراطي سريعا , و مع ذلك فعندما قام الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالإطاحة بالرئيس (سيدي محمد ولد الشيخ عبدَ الله ) في أغسطس 2008 - بعد صراعه الطويل مع الأغلبية البرلمانية المدعومة من المؤسسة العسكرية- فإنه أبدى لا مبالاةً بالعقوبات الدولية خلال هذه المرحلة في الوقت الذي كان يبحث فيه تفاصيل الانتقال السياسي مع معارضة بقيت غاضبة بسبب الانقلاب .

لقد مهدت اتفاقية داكار الموقعة في يونيو 2009 الطريق للعودة للحكم الدستوري من خلال تنظيم انتخابات رئاسية و برلمانية يشارك فيها الجميع و من خلال تنظيم حوار وطني حول الإصلاحات السياسية, و كنتيجة لهذه الاتفاقية فقد فاز ولد عبد العزيز بالانتخابات الرئاسية التي رفض كثير من المؤسسات الدولية مراقبتها بما في ذلك الإتحاد الأوربي و المعهد الوطني للديمقراطية (الأمريكي).

لقد أدى التوتر الحاصل بين النظام و أحزاب المعارضة المنضوية تحت "منسقية المعارضة الديمقراطية" إلى تأخير الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر إجراؤها في نهاية عام 2011 , و في الوقت نفسه واصلت الاتحادات الطلابية و النقابات العمالية و الجمعيات النسوية و المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان –بما فيها تلك المناهضة للعبودية- واصلت تظاهراتها السلمية في شوارع انواكشوط مُطالِـِبـَةً بالإصلاحات السياسية و مـُنـَدّدة بالأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية.

و رغم الانقسامات الداخلية لمنسقية المعارضة الديمقراطية فقد شاركت في هذه المظاهرات –جزئيا- من خلال الحزب الإسلامي المعتدل :حزب تواصل, و الذي نجح في تعبئة مؤيديه, .و مع أن هذه المظاهرات تـُذكـّرنا - بثورات الربيع العربي إلا أن الغضب الموريتاني من النظام القائم قد سبقها (الثورات العربية) بمدة. و معظم الفاعلين ( في هذه التظاهرات ) معارضون بشدة للجنرال محمد ولد عبد العزيز, و قد طالبوا باستقالته من الرئاسة قبل تنظيم أية انتخابات قادمة.

و في اتصال –عبر اسكايبي- قال لي المدون الموريتاني المعروف و رئيس تحرير صحيفة "لا تربيبن" كـِسـِيما دجاغانا- :" إن الهدف الأساسي هو استقالة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ., و ما دامت "المنسقية" غير قادرة على تنظيم حوار (وطني) وفقا لشروطها فإنها تعتقد بأن الحل الوحيد هو مغادرة الرئيس" ( للسلطة).

و بالنسبة لي فقد شهدتُ نشوءَ الديمقراطية الموريتانية في بدايتها سنة 2006 و 2007 , و قد أُعجـِبـْتُ بتصميم الشعب الموريتاني و توقه للديمقراطية , و لكن احتمالات و فرص استعادة الديمقراطية الحزبية المتعددة لا يبدو أنها تلعب لصالحه, .و مع بقاء عزيز في السلطة - حتى ولو بصفة مدنية الآن-, فإن الحكومة الموريتانية تخضع بشكل تام لسيطرة العسكر في تحالف مع القوى الاقتصادية و المصالح القبلية بشكل فريد من نوعه في موريتانيا.

و كما يشرح السيد : كـِسـِيما دجاغانا, فإن كثيرا من الأحزاب السياسية و الشخصيات البدوية المعتبرة لا تزال تعتبر العسكر وسيطا هاما في الحكم , و بالتالي فإن هذا الدعم يُفند مصداقية هذه الأحزاب و الشخصيات كقادة قادرين على نيل ثقة الشعب, و يضيف بأنه :" ما دام العسكر حاضرين ( في المجال السياسي) فإنه من المستحيل أن نتوقع –في الأمد القريب- حكومة مدنية قادرة على إدارة هذه البلاد".

على الرغم من أن الجنرال عزيز يـُدرك جيدا أن مُعظم الموريتانيين لن يقبلوا بالعودة إلى أيام نظام معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع السيئة , إلا أنه يبدو بأنه غير متأثر –نسبيا- بالمطالب الداخلية و الخارجية,فحربه القوية و ملاحقته لعناصر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و المجموعات المتطرفة الأخرى خففت النقد الغربي الموجه لنظامه , و على العكس من جيرانه في منطقة جنوب الصحراء فإن موريتانيا ليست عضوا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا , و التي لعبت دورا هاما في عزل الانقلابيين الذين قاموا بالإطاحة بالحكومات المنتخَبَة, و في هذا الإطار , فإنه يمكن للمرء أن يجادل بأن موريتانيا في حال أسوأ من حال مالي و النيجر, و هما البلدان الضعيفان في وجه الانقلابات و الأكثر عـُرضةً لها في شبه المنطقة.

و بالتأكيد فإن المجتمعَ المدني الموريتاني النشـِط و الصحافة َ الحرةَ يـُمكنـُها أن تُـزيح قبضة العسكر عن الحكومة و الشؤون الاقتصادية في الأمد البعيد , و لكن عند أخذ تاريخ الحكومات الموريتانية في الاعتبار فإنه يجب عليّ أن أتفق مع كـِسـِيما دجاغانا في أن هذا البلد المـُصـَدّرَ للنفط حديثا من المحتمل أن يظل معزولا و نائيا و بلدا شـُبـْه استبدادي لسنوات عديدة.

- — *غريغوري هويَل : خبير في قضايا الديمقراطية و الحكم في إفريقيا , و قد عمل في كل من برنامج الأمم المتحدة للتنمية و الوقف الوطني للديمقراطية (بأمريكا) و مركز كارتر و المعهد الوطني للديمقراطية (بأمريكا) في مجالات المساعدة الانتخابية و مشاريع تنمية المجتمع المدني , و هو حاصل على ماجستير في العلاقات الدولية من كلية ماكسويل في جامعة سيركوز بولاية نيويورك.

** الأمين العام السابق للمركز الموريتاني للحوار بالولايات المتحدة .

بقلم : غريغوري هـُويَل*

ترجمة : عبد القادر ولد الصيام**

11. يونيو 2012 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا