عايش المرشد الممتحن الدكتور محمد بديع حفظه الله دعوة الإخوان في معظم مراحلها، وخاض الكفاح في صفوفها في أحلك الظروف وأصعب الأوقات .. وأمضى ما يقرب من 13 سنة من عمره في السجون، منها 9 سنوات في أزمة 1965م التي أعدم فيها الشهيد سيد قطب رحمه الله.
واليوم وقد بلغ الرجل المؤمن من الكبر عتيا وجاوز سن السبعن .. وقد رشحته الأقدار لقيادة الجماعة المؤمنة الصابرة الممتحنة التي رفعت منذ أيامها الأولى شعار : ".. والشهادة في سبيل لله أسمى أمانينا".
ولذلك فإن اعتقال الرجل البديع لن يكون إلا حسرة تلاحق الظالمين وتوقظهم من مرقدهم، وبالنسبة له هو فلن يكون ذلك الاعتقال وتلك التهديدات إلا كما قال أحد أسلافه المجاهدين : (ماذا يصنع أعدائي بي؟ إن سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة، إن إيماني في قلبي، وقلبي بيد ربي).
وبالنسبة للجماعة فإنها قد بنت نهجها على الارتباط بـ"الفكرة والمنهج" وعدم التعلق بالأشخاص مهما كانت عظمتهم ومهما كانت مركزيتهم في الجماعة، وعلى أن أي فرد من أفرادها بإمكانه أن يتسلم الراية في وقت. إذا سيد منا خلا قام سيد .. قئول لما قال الكرام فعول
ولذلك فإن اعتقال قيادات الجماعة الذكية وفي مقدمتهم المرشد البديع رغم مرارته لن يعيق تقدم الجماعة ولن يوقف المسيرات والاعتصامات السلمية الرافضة للانقلاب أو يحرفها عن مسارها، بل سيزيد من رصيد الجماعة في الشارع المصري وفي الشارع العربي رغم أنف "بشير عبد الفتاح" ونظراءه من المتحاملين.
لقد اعتقل الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله ثم تم اغتياله في مرحلة لاحقة وجماعة الإخوان آنذك جماعة وليدة ولكن ذلك لم يعق سيرها، واعتقل الإمام الممتحن والرجل الصلب حسن الهضيبي رحمه الله واعدم إخوانه : عبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وعبد الفتاح إسماعيل وسيد قطب رحمة الله عليهم جميعا ولم يزد ذلك الجماعة إلا قوة وصلابة وثباتا ورسوخا.
واعتقل قادة حماس : الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ، إسماعيل أبو شنب، صلاح شحادة، إبراهيم المقادمة وغيرهم من القادة الميامين ثم تمت تصفيتهم في الأخير فتسلم الشباب الراية فحدثت فتوح وانتصارات كبيرة في وسط أجواء الزلزلة والمحن.
ونصبت أعواد المشانق من قبل في تركيا وتونس وليبيا وسوريا لقيادات الحركات الإسلامية وشبابها ولكنها ما أفلحت في إقصائهم من المشهد .. بل إن كل محاولات الإبادة والتطهير التي نظمت ضدهم باءت بالفشل، وخرجوا منها وقد حنكتهم التجربة فزادتهم قوة وصلابة، وسدادا في الرأي وعمقا في الوعي وقدرة على المناورة .. وهاهم اليوم يقودون تركيا وتونس، ويتصدرون المشهد السياسي في ليبيا، ويقودون معركة الكرامة والحرية في سوريا.
واليوم وبعد اعتقال المرشد المبجل الدكتور محمد بديع وقيادات الإخوان الذكية - حفظهم الله جميعا - يتمنى المتحاملون والحاقدون أن تكون هذه هي بداية النهاية لحركة الإخوان المسلمين، ولكن شواهد التاريخ وقوانين حركة الحياة تقول غير ذلك : "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز".
ويحسب الرعديد الجبان والخائن اللئيم العسكري الفاشل عبد الفتاح السيسي أن سيحقق ما فشل فيه غيره من إبادة الإخوان وإقصاءهم من المشهد، ولم يفقه الغبي أن عبد الناصر الذي كان أكثر منه كازمية وكان في ظرف دولي مساعد قد عجز عن إبادة الإخوان وإقصاءهم من المشهد رغم أنهم كانوا يوم ذاك في طور النشأة ورغم غياب وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية في تلك الحقبة الزمنية.
أَوَ يحسب الغبي السيسي أن سيقضي على الأخوان بعد أن تغير الزمان وانتشرت وسائل الإعلام والوسائط الألكترونية وتكاثرت المنظمات والهيئات الحقوقية وتطورت أساليبها في ملاحقة المجرمين والجناة، وازداد وعي الشعب المصري ووعي الشعوب المسلمة، وبلغ الإخوان مرحلة الرشد وطور النضج الفكري والسياسي. ثم هي العناية الربانية رغم أنف الملحدين ومرضى القلوب تكلأ الإخوان المسلمين وتسدد خطاهم وتجعل البركة في بذلهم وتضحيتهم، وتربك خطط خصومهم وتسوقهم إلى اتخاذ القرارات التي فيها حتفهم.