فقرة تواصـــلية / محمد الأمين ولد سيدي مولود

لن تعوز التبريرات أي حزب سياسي في أي موقف يتخذه، هذا تحصيل حاصل خاصة مع القفز على أي منطق أو تموقع يُستنتج من طرح الأحزاب في الظروف العادية، أو خطابها، أو تموقعها، وحتى تاريخها، نحن في بلد "اللامعقول" هذا هو ما يمكن تأكيده في كل الظروف !

"تواصل" حلقة أخرى من حلقات منسقية المعارضة تعود لنفس الأخطاء التي وقعت فيها سابقا، واعترفوا ببعضها، وتجاهلوا البعض، إنها القرارات الإنفرادية التي لم تحسب بشكل جيد.. إنها الانسحاب عن السرب والموقع الطبيعي.

لقد ارتكبوا نفس الخطإ منفردين مرتين (الترشح للرئاسيات، وسرعة الاعتراف بالنتائج) ولم تؤت النتيجة التي توقعوا، ومرة مع اتحاد قوى التقدم (حين دخلوا حكومة واجهتها الخارجية مطبعة وتضم كبار رموز الفساد ولم تعمر طويلا كما توقعتُ وتوقع كثيرون حينها.

اليوم المشهد كالتالي : 10 أحزاب من المنسقية أعلنت مقاطعتها، حزب واحد سيشارك (تواصل)، يمكن توقع النتيجة ببساطة كالتالي: المصوتون من الجماهير المعارضة وغير المتحمسة للرحيل والطرح الراديكالي الذي أعلنت عنه النسقية ذات يوم سيجدون في التحالف الشعبي وغيره من أحزاب المعاهدة المحاورة ملجأ أقرب إلى طرحهم من وافد جديد من الضفة الأخرى، أما المعارضون الرادكاليون والغاضبون من الجنرال ونظامه الفاسد المترهل فسيقاطعون مع المنسقية من باب الحلم بثورة أو ضغط أو حتى من باب اليأس والملل.

يعني هذا أن دائرة تواصل قد تحشر في المقربين جدا منه بمعني أطر الحزب وقراباتهم وبعض المجموعات الصغيرة الغاضبة هنا وهناك والتي ستصلهم تحت غطاء تقليدي جدا( تحالف شبه قبلي أو مصالح "قراباتية، أو احتجاج على طرف أقصاها)، وفي النهاية ستأتي نتيجة غير بعيدة من نتائج الرئاسيات (حوالي 4%) إن لم تكن أقل مما يعني أن الحزب سيشهد نكسة جديدة، وبالتأكيد هي نكسة لطرح التغيير عموما وللمعارضة بشكل أخص. ورغم لا يمكن استبعاد مفاجأة سارّة للتواصليين بشكل قطعي لأن ما يقومون به الآن مغامرة فعلا، والمغامرة إما يكسب صاحبها أكثر مما يتوقع أو يخسر أسوأ مما يحذر!

هنالك فرضيتان مطروحتان بجدية:

ـ الأولى تأجيل الانتخابات لتلتحق بها بقية الأحزاب أو بعضها، ولو بذريعة فنية بحتة ـ أنا أتوقع التأجيل ـ وعندها سيكون تواصل في ذيل قائمة الأحزاب المشاركة من حيث تحمس من يحسبون على تيار التغيير، طبعا باستثناء كوادره ومقربيه الذي لو خاض بهم غمار البحر لخاضوه!

أما الثانية: فهي أن تشارك بعض الأحزاب التي أعلنت حتى الآن مقاطعتها حين تتبين أن الإنتخابات ستجرى فعلا وهذا يعني ضربة أخرى للمنسقية ربما تكون قاضية.

إن وجود تواصل الآن بشكل منفرد خارج تيار المعارضة "الراديكالية" يضر الحزب أكثر مما يضر المنسقية ـ رغم أنه نقص شديد في قدرتها على التعبئة وبعض الألق ـ خاصة إن حافظت المنسقية على تماسكها وعلى القيام بأي تصعيد ضد النظام ولو يرغمه على تحسين شروط المشاركة من حيث الآليات والتوقيت.

إن من أسوإ تبرير الأخطاء أن نبررها بأخطاء الآخرين، خاصة مع وجودهم الآن في المكان الصحيح، أي في أكثر المواقع بعدا عن نظام فاسد انقلابي، منحت له أكثر من فرصة للإصلاح، وللحوار، وللتعايش ولم يصغ لها بل راهن وسيراهن على عنصر واحد هو أصل وصوله (القوة pese p )

إن كل حزب من الأحزاب المحسوبة على تيار التغيير والمعارضة التاريخية يقوم أو قام بأي خطإ من أجل مصالح حزبية شخصية يرتكب "جرما" مزدوجا من حيث الإساءة إلى تيار التغيير عموما، ومن حيث تقديم مصلحة خاصة على ما هو أعم منها خاصة مع احتمال عدم الحصول على تلك المصلحة كما حصل من قبل.

إنني متشائم جدا للمشاركين من كل الأحزاب المحسوبة على تيار التغيير سواء على الذين هجروا السرب منذ فترة (التحالف) أو الوافدين الجدد (تواصل) لأن هذه الإنتخابات ستكون مخزنية بامتياز أي أن توجيه الإدارة وشيوخ القبائل ورأس المال سيلعب فيها الدور الأهم في ظل غياب طرح كتلة معارضة متماسكة وواضحة الخطاب. أما الباقي فستتقاسمه أحزاب مجهرية شخصية وجهية وقبلية وكلها تصب في نفس خانة الجنرال وموارده.

كما أن تواصل بالذات سيكون محل استهداف من الجميع سواء من هجرهم أو من هاجر إليهم. وهو ما سينعكس على حجمه المستقبلي في الانتخابات.

إن من أدبيات المعارضة الموريتانية في الغالب أن تجنح إلى تحويل الحليف المخطئ إلى عدو جذري، على الأقل لحظة تلبسه بالخطأ (حدث هذا مع أحزاب أخرى لحظة أخطائها التكتل مثلا لما دعم الانقلاب) وهذا ما تدفع جميعا ضريبته في كل موسم.

أحيي تلك الأحزاب المقاطعة ـ إلى الآن ـ وأتمنى أن تستمر في الإتحاد والتماسك بغض النظر عن القرار المقبل فالقوّة تكمن في وحدتها أكثر مما توجد في قراراتها.

وأتمنى أن يقدم الشباب البديل الأكثر حزما وفعالية ونشاطا في أقرب فرصة ممكنة.

5. أكتوبر 2013 - 10:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا