الإقتطاعات الريفية في المجال الحضري... مقترح حل / د. محمد الأمين ولد شريف أحمد

الإقتطاعات الريفية في المجال الحضري هي أراضٍ شاسعة تم إصدار مقررات منح ريفية مؤقتة لها، وحصل معظمها لاحقًا على مقررات منح ريفية نهائية. وقد تم دمج هذه الأراضي في المخططات الحضرية وتحفيظها لدى إدارة العقارات. وتتطلب عملية الاحتيال هذه تضافر جهود متعددة، أولها رأس المال لتمويل العملية (رجال أعمال...)، وأعوان داخل وزارة الإسكان وإدارة العقارات (فنيون وموظفون...)، بالإضافة إلى مسؤولين مخوّلين قانونيًا بتوقيع مقررات المنح (حكام وولاة...).
وبما أن معظم هذه الإقتطاعات الريفية كانت في المجال الحضري لمقاطعة تفرغ زينة، فقد بيعت بأثمان باهظة، وتداولها عدد كبير من المواطنين لأكثر من عقد، مما أضفى عليها نوعًا من المصداقية والقبول.

بعد تولي الوزير الأول الحالي، السيد مختار أجاي، حقيبة وزارة المالية، وتعيين محمد الأمين ولد الذهبي مديرًا عامًا للعقارات وأملاك الدولة، بدأت خيوط المؤامرة تتكشف، وظهر ما هو أسوأ. ومن هنا بدأ التحرك الجاد لوقف الانهيار في إدارة العقارات. وكان من بين أبرز ملفات الفساد المستهدفة، ملف الإقتطاعات الريفية في المجال الحضري.
وكانت أول خطوة هي تعليق العمل على هذه الإقتطاعات حتى تسوية وضعيتها. بعد ذلك، تم استدعاء الملاك الأصليين وطُلب منهم دفع تعويض قدره عشرة آلاف أوقية قديمة عن كل متر مربع. لكن لم يستجب سوى القليل منهم، وهو ما يفسر رفع الحظر عن ممتلكاتهم فقط، فيما بقيت أغلب الإقتطاعات الريفية معلقة إلى اليوم.

 

الآثار المترتبة على التعليق

جلب تعليق العمل بالسندات العقارية المبنية على مقررات المنح النهائية للإقتطاعات الريفية في المجال الحضري الكثير من المشاكل والأزمات المستمرة، رغم أن هدف التعليق كان خطوة أولى نحو حل نهائي. ويمكن تلخيص أبرز هذه المشاكل كما يلي:

  • الإضرار بسمعة الوثائق العقارية الصادرة عن الجهات الرسمية؛

  • ضياع موارد مالية هائلة بسبب تعليق هذه السندات وتوقيف جميع العمليات العقارية عليها؛

  • ارتفاع عدد المتضررين نتيجة استمرار التعامل في السوق العقارية الموازية عبر التوثيق التقليدي فقط؛

  • تنامي ظاهرة الإعمار غير القانوني داخل هذه الإقتطاعات، لدرجة استحالة الهدم والمصادرة؛

  • نشوء طبقة ثرية من رجال الأعمال والموظفين العموميين مصدر أموالها الاحتيال والرشوة.

 

الحلول المقترحة

الحلول المقترحة بسيطة وممكنة، ويمكن البناء على تجربة الوزير الأول السيد المختار أجاي أثناء تسييره لوزارة المالية، من خلال:

  • إجراء إحصاء شامل للإقتطاعات الريفية في المناطق الحضرية؛

  • التمييز بين ما صدر له مقرر منح نهائي، وما هو في مراحل سابقة، مع التمييز بين المأهول وغير المأهول؛

  • إلزام الملاك الأصليين بدفع مليون أوقية جديدة عن كل مقرر منح صادر باسمهم، دون ربط التأخر بتعليق المعاملات؛

  • السماح للملاك الحاليين بتسوية وضعيتهم بدفع مبلغ مناسب، مثلاً 100 أوقية جديدة للمتر المربع الواحد؛

  • تحديد مهلة سنة لتسوية الوضعية، ثم زيادة الرسوم بنسبة 50٪ في السنة الثانية، و50٪ أخرى في السنة الثالثة، ثم المصادرة بعد انتهاء السنوات الثلاث؛

  • اتخاذ الإجراءات القانونية لفرض هذه الخطوات؛

  • رفع التعليق عن السندات التي استوفت الشروط، والسماح بجميع العمليات العقارية عليها.

 

استخلاص العبر

من أهم الدروس المستخلصة من أزمة الإقتطاعات الريفية في المجال الحضري:

  • سد الثغرات القانونية التي تسمح بالتلاعب بالوثائق العقارية، خصوصًا شرط الاستثمار في التحفيظ؛

  • وضع استراتيجية شاملة تلبي الحاجات السكنية ومتطلبات التنمية، وتجذب رأس المال الوطني والأجنبي؛

  • جعل العائدات العقارية مصدرًا لتمويل الميزانية؛

  • تنظيم السوق العقارية والإشراف عليها لمنع المضاربات وحماية القطاع من الأموال المشبوهة.

والله من وراء القصد.

 

23. يوليو 2025 - 20:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا