بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، من منه انشقت الأسرار و انفلقت الأنوار، البرق الأسطع بأنوار الهدى، عين الرحمة الربانية الفياضة بالقيم والمثل والكمال البشري... صاحب الحق الرباني محمد بن عبد الله، النبي المرسل، الرمز، حامل أيقونة الوحي السماوي،
ناشر الحب والسلام والحياة والأمل والتفاؤل والبشر والخير،
الإنسان الكامل الذي كان أمة، وبجهاده ونضاله من أجل البشرية يغرف كل مناضل من القيم ما يشاء، غرفا من البحر أو رشفا من الديم.
أيتها السيدات،
أيها السادة، زعماء منسقية المعارضة، قادة الأحزاب والنقابات والمنظمات والشخصيات المشاركين في مؤتمر الوحدة (28/2/2014).
بداية أعبر لكم عن خالص ودي وتقديري.. أشكركم واحدا واحدا.. وأهنئكم على هذا المؤتمر التاريخي، الذي سيكون عنوان مرحلة جديدة مفصلية في مقام النضال التي عزفتم علي هبكل شرايين قلوبكم في آن واحد..
أيها المناضلون الأباة، الشرفاء، أيتها الماجدات الطيبات الواعيات النيرات..
إنكم تجتمعون في هذا اليوم التاريخي الأغر الذي سيكون له ما بعده.. وستذكر الأجيال اللاحقة أنكم كنتم دائما على الموعد مع الوطن.. وأنكم رجال أمانة، وقادة نضال من أجل الحرية والحق والحياة الكريمة..
إنكم لوحة أمل تتشكل لتطرد أرواح القبح والشر، تعويذة مبدئية ضد الاتكال، والخنوع، والمذلة، والمجبنة، والركوع لأشباه الأصنام التي تبث وثنيات الظلم والغش والتدليس والتنكر والتنطع والتبجح والمغالطة، والقلوب الريعية.
إن الوطن جريح مكتئب حزين. وحده عرق النضال هو البلسم الذي سيغسل حزن الوطن و يضمد و يشفي الجراح الحية للأمة..
إنكم اليوم، من خلال هذا المؤتمر، تكتبون الفصل الأهم في السيمفونية الوطنية العليا.. وكما تعلمون فأوتار النضال لا تنقطع ولا يدخل إليها النشاز.. لأنها لحن يتصوف في الله والوطن والشعب..
إيها السادة،
عرف هذا الوطن أياما كانت فاصلة في التاريخ... وقف وراءها رجال قلائل .. حين اجتمع المرابطون في "تيدرة"، فأسسوا الرباط.. حين قرروا نجدة عرب الأندلس فانتصروا في "الزلاقة".. وتركوا قصر الحمراء لأمراء المال العام.. حين كانت سنابك جيل الحاج عمر الفوتي تموسق الأرض جهادا وإباء... حين سدد ولد مولاي الزين رصاصته إلى الغازي كبلاني... حين فرضوا تأميم"ميفرما".. وكل حين عندما اتخذوا ظهور العيس مدرسة يبينون بها دين الله تبيانا.. أولئك أجدادنا.
اليوم الثامن والعشرون من شهر فبراير عام 2014... أنتم أيضا تكتبون التاريخ، وإذا كان الكثيرون يقرأون التاريخ فإن القلة هي من تكتبه..
إنها وقفة سيذكرها شعبكم، ووطنكم، وإقليمكم، وعالمكم العربي والإفريقي: التوأمان السياميان روحا وجسدا وهدفا.. واقعا ومعاناة.. أحلاما وآمالا.. نضالا وإصرارا.. شموخا وكبرياء..
أيها السادة و السيدات، منذ عقود وأنتم تناضلون. فيم و لم تناضلون؟ تناضلون من أجل تحرير الرهينة موريتانيا، موريتانيا المختطفة، موريتانيا المغتصبة، موريتانيا المستضعفة، موريتانيا المصفدة بين مخالب طائر الفساد، هذا الطائر الذي يتوالد من نفسه. تناضلون لا تكلون، ولا تفرون، ولا تهنون، بل كل يوم تكبرون، وتصرون، وتصبحون أقوى وأنقى وأبهى... كيف لا، وأنتم اخترتم أن تكونوا رجال مبادئ في زمن ملوث بوباء الكراسي...
أيها السادة.. إننا ، لن نركع لغير الله، لن نساوم السارق، لن نخضع للجلاد، لن ننحني لغير الشعب، لن نشارك في السير خلف جنازة الوطن.. لن نؤاكل مصاصي دماء الشعب... لن نترنم على نغمات من دأبوا على العزف و الترنم على جثث الشعب الموريتاني.. والنفخ في عظامه لإطراب مجالس الفساد بل، ومن هذا المؤتمر المبارك، سننسج كفن الاستبداد الآثم.. من هذا المؤتمر نفتح باب التغيير المثمر. من هذا المؤتمر سندحر سماسرة الضرائب و التجويع والفتن.
أيها الزعماء الأحرار..
أي شيء سيء لم يحدث في ظل هذا الحكم..مزق المصحف الشريف، أسيء لرسول الأمة، حرقت كتب الفقه، ضرب العلماء، أشعلت الفتن العرقية و الشرائحية، تفشت ظاهرة الانتحار شنقا و احتراقا، وانتشرت ثقافة القتل والسطو والنهب والاغتصاب والإلحاد والانحلال والبغض والكره والتحصيل الرديء الوسخ.
أيها السادة، الزعماء،
كما كان أجدادكم رباط جهاد، و واد علم، وجبال همة وشموخ.. شعبكم ينتظر أن تكونوا كما كانوا، يسعكم ما يسعهم و يضيق بكم ما يضيق بهم... شعبكم ينتظر منكم أن تكونوا على الموعد الذي لم تخلفوه.. فلا بد من النصر وقد أحرق مركب الوطن.. واستنسر البغاث، وتعطرت الجيف، وتنكرت الحرباء.
وفي هذا الموقف المضيء من براثين الواقع الطيني.. يتذكر الرجال الأذكياء أن أخطر بحار العالم يمكن عبورها على خشبة.. فكيف بإرادة من فولاذ.
أسأل الله التوفيق و السداد لهذه الوجوه النيرة، وهذه السواعد المعطاء إيمانا وقيما ونضالا وتضحية.
أحيكم تحية إكبار و إجلال والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد ببانا
نواكشوط في: 27/02/2014.