هل دفعت المرأة الموريتانية ثمن حريتها النسبي؟! / المرابط ولد محمد لخديم

 ليس عدلا ان لانهتم لشؤون المرأة فهي الأم والزوجة والبنت والأخت...وهي نصف المجتمع والنصف الآخر تربيه..والملاحظ في اعلامنا العربي ككل وإعلامنا الموريتاني بشكل خاص عدم اهتمامنا بقضايا المرأة...

     وهذا ما فتح ثغرات استغلها الغرب بإغراق أسواقنا بالسلع الكمالية وهو يعي ما يريد وقد تحقق له فعليا على أرضية الواقع حيث أصبحنا محكومين لهذه البضائع.وخطورة هذه البضائع المستوردة أنها تحد من حرية مستورديها حين تغرقهم بالضرورة، مهما كانت متطورة لأنها تزداد على حساب الحرية كالذي تتحدد مكانته في المجتمع بالسيارة أو الكماليات الأخرى مثلا...
  ولمعالجة هذه المشكلة تعمد الشعوب إلى تبادل الضرورات، أي البضائع المستوردة قدرا بقدر.وأكبر الضرورات خطرا هي التي تلغي أكبر قدر من العمل حين ما تستورد.
إن كل ضرورة مستوردة تلغي جزء من حرية المستورد على قدرها وأشد الضرورات التي تكون أكثر إلغاء للعمل عند المستورد..لأن العمل هو الحرية ، وكل ما يلغيه يلغي الحرية..
وحرية الفرد في المجتمع على قدر عمله، فإذا أخذ من عمل الآخرين مما يعطيهم من عمله، فقد من حريته بقدر ما يزيد لهم عنده، وأكثر الأفراد من يرون آثار عملهم فيما بين أيديهم من حاجات... وأقسى ما يواجه الحر من عقبات أن يجد نفسه غريقا في عطاء الآخرين، وليس له ما يعطيهم، لشعوره بأن ذلك على حساب حريته.....
  وفى استسلامه لهذا الوافد البراق والسهل المنال سواء بانغماسه في الملذات أو تكييفه لهذه العادات الوافدة مع عقله الجمعي. كالعناية المفرطة بالمظهر، الند أو المثل (أتفاييش) جعل كثير من الناس يعيشون فوق طاقتهم. وعلى سبيل المثال: إذا أنفق شخص ما مليون أوقية، أو اشترى سيارة موديل أصبح لزاما عليّ أن أحاول بكل الوسائل الاقتداء به، ولو كان وضعي المادي يختلف اختلافا كليا عن وضعه، الأمر الذي يرغمني على سلوك طرق ملتوية للحصول على المال الذي أصبح غاية في حد ذاته بعد أن كان أداة لقضاء الحوائج والاستغناء عن الناس والاستعانة على طاعة الله تعالى وأضحى الناس اليوم لا يعرفون ماذا يصنعون بما يكدسون من أموال وخلق هذا جو من المضاربات أخذت تسميات جديدة منها:(شبك) وهي نوع من ربا الجاهلية الأولى بين الدائن والمدين حتى اذا نفد ما عنده حجز على ممتلكاته الخاصة والخطورة تكمن في أن المرأة الموريتانية تنشط في هذا المجال بدافع الفقر والعوز تارة  ولحب الظهور تارة أخرى.وعندما تحصل على المال.سرعان ما تسافر بهدف التجارة أو الاستجمام الى أوربا وأمريكا وآسيا والعالم العربي..
   وقد تولد عن هذا بروز قضايا جديدة لم يعهدها الشعب الموريتاني من قبل ..      
    لم يقنعني عدم اهتمام الكتاب بالمرأة الموريتانية..وقد كتبت مقالات في هذا المجال كمساهمة بسيطة الأول بعنوان:هل يطبق رئيس الجمهورية فكرة الزواج الجماعي في موريتانيا؟! والثاني بعنوان: هل يصلح النساء ما أفسده الرجال في موريتانيا؟! نشر في مواقع محلية وعربية أضغط الرابط: http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=11565
    وكنت أظن  أن بعض الكتاب المختصين في علم الاجتماع سيتناولون الموضوع ويدرسون جوانبه المختلفة.. فهم لأدرى بمثل هذه الدراسات ولكن للأسف فسر المقال خطأ على أنه سياسي والغرض منه مآرب معينة..
   ولأن المرأة الموريتانية هي التى تعرف قضاياها الخاصة والعامة فقد قمت منذ سنوات مع مجموعة من الزملاء من بينهم المرحوم:لبروفسور يحي ولد حامد بإنشاء مجلة تسمى (آفاق فكرية) صدرت أعدادا منها وكان من بين كتاب المجلة الدكتورة عائشة بنت الحسن وقد نشرنا لها آنذاك سلسلة صدرت الحلقة الأولى منها بعنوان نساء خارقات..إلا أن التجربة لم تعمر طويلا فلم يعد في بلاد شنقيط المنارة والرباط مكانا للفكر وماتت السلسلة في مهدها...
   وهذه خسارة لموريتانيا خاصة وأن السلسة(نساء خارقات) كانت ستشخص لنا الكثير من قضايا المرأة الموريتانية التى مازالت مجهولة الى حد الآن بعدستها...
   وأعود فأقول أن جميع كتاباتي الفكرية والعلمية لا تمت للسياسة بصلة انما هي اجتهادات وخواطر شخصية أعرضها عندما تكتمل في خلدي بشكل نهائي ..قد تكون صائبة أو خاطئة ولكن في جميع الظروف لا تعالج السياسة بقدر ما تشخص وتصور الظاهرة المدروسة وعادة ما تكون قضايا وافدة الى مجتمعنا البدوي الذي مازال يبارح كبوته الحضارية منذ عقود...
  من هذه الظواهر ظاهرة (الزواج السري) وقد انتشرت بشكل لافت في السنوات الأخيرة انتشار النار في الهشيم وهي جديدة على المجتمع الموريتاني الفضفاض الذي لا يأبه لكتمان السر.ويهتم كثيرا للشائعات  في مايعرف محليا ب:(أجف) والشائعة عادة ثقافية متداولة لدى فئات عريضة من الشعب الموريتاني, يجد فيها البعض التأثير على الأحداث في مجتمع يهتم كثيرا بالقال والقيل..خاصة بعد توفر وسائل خطيرة مثل الموبايل والانترنت..ووجود ساحة خصبة لهذه الشائعات.. وخطورتها أنها لا تعتمد على مصادر مباشرة موثوقة تأتى عادة لتغطى فراغا معرفيا تعذر سده بطرق السليمة.  ولهذا فإنها تنتشر في المجتمعات التي لا تتوفر على طرق شفافة ومحايدة لتناول المعلومات الصحيحة حول الأحداث التي تهم مجتمعنا.. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف استطاع هؤلاء أن يتغلبوا على هذه الحالة الشاذة في السر؟!
  فانتشرت أنواع منها جديدة: شابات يتزوجن كهول بسن آبائهم طمعا في أموالهم.. 
   و شباب يرتبطون بعجائز بسن أمهاتهم بذريعة الحصول على سكن وأشياء أخرى..
والرجال يقدمون عليها بحثا عن الأولاد والتذمر من زوجة واحدة والابتعاد عن الطلاق أما النساء فيقدمن عليها بسبب الفقر والظروف الصعبة التي تعيشها المرأة ألموريتانية ورغم الانفتاح الذي حدث مؤخرا ووجود هيئات ووزارة معنية بشؤون المرأة إلا أنها مازالت تخاف العرف والتقاليد...
    فمجتمعنا مثل كل المجتمعات يقف بكل فئاته حارسا على قيمه وأعرافه، وهو مستعد لإقصاء من يخرج عليه ونبذه، ولذا فإن من المصادر الأساسية لمقاومة التغيير الخوف من الابتعاد عن القوانين التي يبنيها المجتمع. ومن الواضح أن الناس كثيرا ما يتضايقون من بعض العادات والتقاليد ويشعرون بعدم منطقيتها، لكن الخوف من العزلة الاجتماعية، هو الذي يجعلهم يمتثلون لها، حتى في الأمور الشخصية التي لا تتعلق بأهداف اجتماعية، ما دامت ممارستها تتم في إطار اجتماعي...
وعن رأي الشرع بهذا الخصوص يقول وزير الشؤون الاسلامية السابق أحمد ولد النيني:
(ونكاح السر هو النكاح الذي أوصى الزوج بكتمه إذا كان ذلك قبل الزواج وحكمه المنع كما هو مشهور المذهب، ومن آثاره تأديب الشهود الذين حضروا العقد كما هو الحال في الزوجين، ويفسخ هذا النكاح ولو طال زمنه، هذا هو مشهور مذهب أهل المدينة حيث يقول خليل في مختصره (وفسخ موصى وإن بكتم شهود من امرأة أو منزل أو أيام إن لم يدخل وبطول وعوقبا والشهود.. ) هذا هو رأي الإمام أحمد وذهب الإمامان الشافعي وأبو حنيفة إلى جوازه..وإذا لم يوص الزوج الشهود قبل العقد وكانت نيته قصد الكتم فإنه يندب له أن يفارق الزوجة) معتبرا أن الأمر مجرد تحايل على الشريعة الاسلامية. إلا أن بعض الفقهاء يمارسونه ويشجعونه أحيانا!!
  وبما أن المجتمع الموريتاني يعتبر من أكثر المجتمعات تعرضا للظاهرة الطلاق لمسائل قد لا توجد إلا في موريتانيا منها أن المطلقة قد تتزوج عدة مرات وليس هناك ضمانات للزوجة كمؤخر الصداق تمنع الزوج من التمادي في الطلاق لأبسط الأمور..فان ظاهرة (السرية) تزيد الطينة بلة حيث من الملاحظ  تزايد المطلقات في الآونة الأخيرة بشكل مخيف..
  ومن النتائج السيئة للتفكك الأسرى مايلي:
  ينعزل الزوج او الزوجة عن الحياة الاجتماعية ويعيش حياة مضطربة  أو الارتماء في أحضان المحرمات والسعي وراء الشهوات والأمثلة كثيرة على ذالك رجال ونساء من جميع الأعمار لا هم لهم إلا قضايا الجنس والسمر والارتباط بهذا أو تلك..
  ونسي هؤلاء أوتناسو أبنائهم من صغار السن...فأول المشكلات التي تواجههم فقدان المأوى الذي كان يجمع شمل الأسرة وهنا سوف يحدث التشتت حيت يعيش الأولاد أو بعضهم مع أحد الوالدين والبعض الاخر مع الوالد الاخر..
  والكارثة عندما يتزوج الأب  بزوجة أخري والأم بزوج أخر ..فيبدأ الصراع خاصة اذا كان كل واحد من الزوجين له أبناء آخرين...
  كما يؤدي هذا التفكك الى انحراف أفراد الأسرة خصوصا الأولاد والبنين والبنات فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها ينتج عن دلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي لأنه لم يعد هناك رقيب عليهم وتخلو لهم الساحة للبحث عن أيسر الطرق وأيسرها لتحقيق المراد عندما تدخل الى سجن القصر وأنت ترى بعينيك أطفال بعمر الزهور مرتكبين جميع أنواع الجرائم  من: قتل  واغتصاب وشرب خمر وتعاطي ومخدرات وسرقة..  والإنسان منا اذ يأخذ ينعم النظر محدقا ببصره، وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملأ به فكرا، ويملأ به قلبا حتى ليحس المرء بعد مشاهدته لهذا المشهد الفظيع  بحاجة إلى أن ينزوي نفسيا من هول ما شاهد..هذا قليل من كثير لا يتسع المجال لذكره الآن ولقد أجمع الأطباء بأن اكثرالأمراض المنتقلة عن طريق الجنس تنتج عن هذا النوع من الممارسات اللاأخلاقية. لأن الزواج في موريتانيا يتم ببساطة بدون فحص طبي بين الأزواج..
  والحل يكمن في المصارحة والتشاور بين الطرفين والوصول الى حلول ترضي الجميع في مجتمع لا يقبل التعدد وان كان هذا لا يوافق الشريعة الاسلامية..وقد شوهدت في الآونة الأخيرة زيجات تعدد للزوجات بموافقة الأطراف جميعا..وكانت تجربة ناجحة.. فكم من امرأة كادت أن تفارق الحياة بسبب من شدة الصدمة التي أصابتها حينما سمعت نبأ زواج بعلها؟!
   لذا يجب احترام هذا الرباط المقدس لأن الزواج فطرة انسانية منذ وجود الانسان على هذه الأرض حيث يتم بناء الأسرة وتكون الطمأنينة والسكون العاطفي والاستقرار الأسري فكل أمة لها طريقتها في الزواج وهو القبول والقناعة بالطرف ألآخر وتكوين أسرة منظمة ملؤها المودة بين الرجل والمرأة..وهي مسألة علانية مبنية على التشاور بين شريكي الحياة. لا لتخفي والظهور بأسماء مستعارة. فهل دفعت والحالة هذه المرأة الموريتانية ثمن حريتها النسبي؟!

12. فبراير 2015 - 11:20

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا