لست من هواة مراجعة الدساتير، ولا أفهم فى الأمورالقانونية المرتبطة بذلك، إلا أننى أعتقد أنه لايمكن تغيير اسم دولة من دول العالم - المحكومة بمؤسسات دستورية- إلا عبر استفتاء على نصوص الدستورالذى ينص أصلاعلى تسمية الدولة وشعارها وما إلى ذلك..
فى الواقع يخضع تغيير أسماء الدول عادة لاعتبارات ترتبط بظروفها الخاصة، بعض تلك الظروف تاريخي أوجغرافي، والبعض الآخر ديني أواجتماعي، وتحضرنى من الدول التى تم تغيير أسمائها "فولتا العليا"، "داهومى"، "السودان الافريقي".. دول كثيرة – عبرالعالم من الأكيد أنكم تعرفونها- تغيرت أسماؤها لأسباب عديدة ارتأى أصحاب الشأن فيها أنها تستدعى ذلك.. ما رأيكم فى أن تقدم إحدى الدول الواقعة فى نطاق دول الساحل والمغرب العربي وشمال افريقيا واستثمار النهر على تغيير اسمها لتصبح "دولة اسكانير"، أو "جمهورية اسكانير"، أو "إمارة اسكانير"، أو "مملكة اسكانير"... ثم تلحق بالإسم ما تراه مناسبا من صفات ومواصفات من قبيل "الجمهورية الاسلامية الإسكانيرية"، أو "دولة اسكانيرالعربية المتحدة"، أو"المملكة الاسكانيرية"، أو"جمهورية اسكانيريا الديمقراطية".. بطبيعة الحال سيرى القائمون على تلك الدولة أن ثمة ضرورة قصوى لتغيير الاسم الأصلي الذى يرمز بحسبهم لحقب آن لها أن تطمر بالنسيان، وسيحاجج فقهاء الدستور والقانون بأن وجود حوالي 25 جهاز "اسكانير" متطور فى مستشفيات الدولة منها حوالية 7 فى داخل البلاد والبقية فى العاصمة وهذه الـ25 منها 6 معطلة لأسباب غامضة يكفى دستوريا لأن تصبح جمهورية "اسكانيرية" بامتياز.. وسيقول قادة تلك الدولة إن جميع "اسكاينيرات" الموجودة بها تم تمويل استيرادها وشرائها تارة من "عائدات محاربة الفساد" وطورا من "بقايا ميزانيات بعض الوحدات العسكرية" وأحيانا من "سياسة ترشيد الإنفاق" وبأوامر استعجالية صارمة... سيقال للشعب فى "حملة الحث على تغيير الاسم" إن دولة تملك جهاز "اسكانير" فى عالم اليوم هي يقينا دولة متطورة ومتقدمة، وبها تغطية صحية مثالية... وستخصص الإذاعة والتلفزة ووكالة الأنباء فى تلك الدولة افتتاحيات وسهرة مباشرة وبرامج مسجلة وتقاريرتتحدث عن أهمية "اسكانير" وضرورة امتلاك ناصيته فى عالم اليوم الذى يتطورعلى مدار الدقيقة... وسيذهب وزير الصحة الى كل المستشفيات فى العاصمة والداخل مركزا على تلك التى توجد بها "اسكاينيرات" وسيطلب فى حفلات خاصة بإعادة تدشينها (يجب أن يتم تدشينها باستمرار وبالتناوب بين رئيس الجمهورية ووزيره الأول ووزير صحته لأن تدشينها مرات عديدة يزيد من فاعليتها وعمرها الافتراضي ويقرب خدماتها من المواطنين ويبقيها بيضاء نقية وطازجة) من الطواقم الصحية صيانة الأجهزة وتحسيس الناس بضرورة الكشف بواسطتها... وسيدخل وزير الشؤون الدينية على الخط مدعوما برابطتى الائمة والعلماء ولجنة مراقبة الأهلة لتبيان الناحية الشرعية فى تغيير الاسم، وأهمية أجهزة "الاسكاينير" فى اكتشاف البدع والأجنة والأهلة والأورام، وسيقول إن قطاعه يفكر فعلا فى استخدام هذا الجهاز والاستفادة من مزاياه فى إثبات الرؤية الرسمية للأهلة وقطع الطريق على كل من يحاولون رؤية الهلال مستقبلا من وراء ظهر الحكومة لاستحالة ذلك فلكيا.. ستصرخ معارضة تلك الدولة بحدة متحدثة عن "غباء قرار تغيير الاسم"، محاججة بأن "اسكانير" ليس مدعاة للفخر لدرجة أن تحمل دولة من الدول اسمه، فهو متجاوز عالميا، وموجود تحت كل شجرة عبر العالم، والدول تستبدله يوميا من الأرياف والقرى بأجهزة أكثر تطورا وتعقيدا وقدرة على مسايرة التطور الطبي، وستتساءل المعارضة لماذا لا تغير امريكا اسمها الى "الولايات النازيازية المتحدة" نسبة الى وكالة نازا التى هي أهم وأكبروأرقى وكالة أبحاث فضائية فى العالم على الإطلاق؟ ولماذا لا يصبح اسم ايران مثلا جمهوريان اسلاميان نوويان" ما دامت تناطح الدول الكبرى فى امتلاك الأسلحة النووية المتطورة؟. ستحدث ضجة كبيرة فى تلك الدولة بسبب عزم سلطاتها على تغيير الاسم، غير أن اتفاقا بين المعارضة والسلطة (يرعاه الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة) سينهى تلك الأزمة باعتماد التسمية الحالية فى فترة انتقالية غير محدودة، بعدها يستشار السكان على اختيار اسم مناسب (ولو لشخص أو دابة أو نبات أو دواء) فإن لم يتفقوا تحمل الدولة اسم رئيسها خمس سنوات، ثم اسم زعيم معارضتها خمس سنوات، وبعدها تحمل اسم كل وزير أو مسؤول فى الأغلبية أو المعارضة لمدة خمس سنوات، إلى أن تحمل فى النهاية اسم كل مواطن من مواطنيها لمدة خمس سنوات ما لم يحدث انقلاب، فإذاحدث انقلاب (وذلك المظنون) فلكل مقام مقال.