كثر الحديث مؤخرا عن السجون فى بلادنا وإعادة تأهيلها وتحريك لسجناء عاديين وغيرعاديين من هذا السجن إلى ذلك عبرطول البلاد وعرضها،لذلك فكرت فى أنه يمكن للحكومة الموريتانية أن تنشئ مؤسسة جديدة باسم "الموريتانية للسجون"..
يصادق مجلس الوزراء على مقرر خاص بها، وينشر عن طريق الاستعجال في "الجريدة الرسمية"، ويحث رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة على تنفيذه في أقرب الآجال (لتقريب الإدارة وخدماتها من المواطنين والاهتمام بالفقراء وسكان الداخل)...تبدأ المؤسسة التى يجب أن يتزامن انطلاق أنشطتها مع الاحتفالات الرسمية بالذكرى الحادية والخمسين لعيد الاستقالال الوطني- ككل المؤسسات عندنا- وطنية بتمويل (سخي) من شركائنا في التنمية، أومن خزينة الدولة الموريتانية ...بعد شهر- أو شهرين- تعجز ميزانيتها وتدخل في موت "فسادي" سريري ، فيتم بيع ما بقي منها للخصوصيين (الوطنيين)..!!
والخصوصيون (الوطنيون)عادة لديهم "معايير" خاصة للحصول على صفقات من هذا القبيل، يتسابقون دائما لانتهاز ما تمنحه لهم من امتيازات، من أهم تلك "المعايير": الانضمام للأغلبية الرئاسية (أو الأغلبية المعارضة للمعارضة التي تعارض الأغلبية الرئاسية) أو الأغلبية الاجتماعية أو الأمنية، ثم تمويل نشاط للحزب الحاكم(البشير ولد محمذن..أنت فم؟!!) وذهاب بعض "الربوحات" مستقبلا لاستحقاقات يخوضها الصفوة من الحكام وأحزابهم وشخصياتهم (المستقلة)،والمعارضة التي انقسمت مؤخرا ليظهر الحوار الأخير فصيلا جديدا منها اسمه "معارضة المنزلة بين المنزلتين"...طبعا لم تعد طريقة ولد الطايع لتفجير الأحزاب المعارضة داخليا مقنعة لأحد، ولذلك اختارت "ماكينة الآريفاج" السياسي والأمني الجديدة طريقة "الانشطار الحلزوني" ،وهي طريقة تقسم نواة المعارضة (ككتلة وليس كأحزاب) إلى أجزاء، لكنها لا تعمل على تقسيم المجزأ من الأحزاب إلى جزيئات صغيرة على الطريقة "الطائعية" المتجاوزة...أعرف أنه من الصعب علينا فهم هذه المعطيات فنحن على بعد6200سنة ضوئية من التفكير في إنتاج القنبلة النووية..!!
كدنا ننسى موضوعنا المتعلق ب"الموريتانية للسجون" سيكون على الرئيس- وبسرعة- تعيين أحد المقربين منه على رأس مجلس إدارتها، أو تعيين مقرب من الوزير الأول، أو أحد ببغاوات الحزب الحاكم ( البشيرولد محمذن هل أنت على "الخط"؟! الخط الهاتفي وليس "الخط "الجغرافي الذي لا تتوفر فيه كباقى مناطق البلاد من "أبى تيلميت" وحتى "مقاطعة أظهر" الجديدة (لأسباب تتعلق بخصوبة هذا العام ووفرة المراعي والقطعان والغذاء والدواء والسيولة والحكم الرشيد) التغطية المواصلاتية المناسبة لكتابة مقالات الكترونية بواسطة الهواتف الجوالة أو"الحوالة"!!.
يتم وضع مبالغ مالية كبيرة تحت تصرف "صاحب الحظ" الذي سيتولى أمور المؤسسة الجديدة ،والتي سيتبع لها نوعان من السجون، النوع المعروف محليا-على الأرض- عنابر ضيقة معتمة كريهة المنظر يتكدس فيها السجناء كقناني "الكوكاكولا " أو"أمبورلحطب" ولا تتسع إلا لبضع مئات من السجناء...هذا النوع معروف خاصة في "دار النعيم" بالعاصمة نواكشوط وقريبا من "الخوبة" في "الاك" عاصمة ولاية "لبراكنة"، وفى مدن الداخل باستثناءات قليلة...أما النوع الثاني من السجون فهو أكثر تعقيدا، فقد لا نرى قضبانه وبناياته ولكننا نحسها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا...تنتصب قضبانه وعنابره في رأس كل واحد منا أحس بذلك أم تجاهله...يسمى أحيانا "السجن الجماعي غير المرئي" ويتسع لأكثر من ثلاثة ملايين شخص، ويمكن السير بداخله بل الخلود فيه مع كل ارتفاع للأسعار وظلم للناس وانتهاك لحرياتهم وإغراق حياتهم الفردية والجماعية بالحرس الشديد والشهب الحارقة...!!
تكلف الإذاعة والتلفزة وأختهما المدللة" المخصرة" وكالة الأنباء بالدخول في حملة تحسيس بأهمية المؤسسة الجديدة، وتتم استضافة فقهاء وأطباء ومهندسين وعلماء وبياطرة وربات أسر ونشطاء طلابيين ورجال وسيدات أعمال وضيوف استثنائيين للحديث عن أهمية المؤسسة الجديدة ،حيث يعول عليها في مكافحة الجفاف والتصحر، إذ أنه بدونها لن تنمو أشجار (الأكاسيا نيلوتيكا) ذات الخواص العجيبة في مكافحة زحف الرمال، وستنهار الصحافة ويرفض الفضاء السمعي البصري أن يتحرر، وتغيب المهنية في تعاطي الإعلام الرسمي و(المستقل) مع الأحداث الوطنية والدولية...و لن يعترف وزير الشؤون الدينية في (جزر القمر) و"شبيحته" بأنهم هم الذين أهانوا كثيرا الحجاج الموريتانيين هذه السنة بداية بالطرد من الإقامات بالمدينة المنورة وليس انتهاء بالسيرمسافات طويلة على الأقدام لأن ميزانية الحج هذه السنة أقامت ميدانا ل"التحرير"و"الاعتصام" فى الجيوب الداخلية لمعالى الوزيرو"شبيحته"، وبدونها سنفشل في الحصول على مقعد دائم في "مجلس الأمن" و"الوكالة الدولية للطاقة الذرية" كما أنه بدونها لن تحقق "دكاكين التضامن" أيا من أهدافها فى مواجهة رمضان والجفاف والأسعار والفقر والبطالة، وسيصاب العشرات بالغثيان والصرع، وسيتأخر تأهيل وتخطيط الأحياء العشوائية،وستقل نسبة النمو، وتتراجع نسب الزواج والرخاء الاجتماعي، وتتعثر الثورات الليبية والتونسية، ولن يتراجع العداء لصالح وبشار في اليمن وسوريا، وستفشل المملكة العربية السعودية في حسم أمر الترخيص لنسائها بقيادة السيارات!!
وسيكون من المهم تعريف العامة بالمؤسسة وأهدافها وتبعيتها لإحدى وزارات "العدل" أو"الداخلية" أو "الدفاع" أو "الشؤون الدينية" أو "وزارات التهذيب والبحث العلمي والأساسي ومحو الأمية الثانوي" أو "النفط والطاقة" أو "المعهد الموريتاني للبحث العلمي" أو حتى إحدى جامعتي "لعيون" و"نواكشوط" أو إحدى الجامعات "الخاصة" الوسيطة والمقبولة!!
هيكلة المؤسسة ستكون بسيطة مجلس إدارة يتبع له مدير عام يتبعون جميعا للوزير المعني الذي يتبع للوزير الأول الذي يتبع ل"الباب العالى" ..وتتكون من مصلحتين "مصلحة السجون الأرضية الوطنية"، ومصلحة "السجن الكبير غير المصنف"...بطبيعة الحال سيكون لكل مصلحة رئيس من الحاشية، ويستحب أن يكون من أهل "الحزب" أو "الرئاسة" أو أصحاب "سر الحرف" ،وأن يتبع للوزير المعني الذي يتبع للوزير الأول الذي يتبع ل"الباب العالي"!!.
المؤسسة الجديدة ستكون إضافة نوعية لقطاع التعدين في البلاد، وستوفر تغطية صحية بمعدل طبيب لكل1000موريتاني،وستساعد فى زيادة الإقبال على الإحصاء الحالي، وستساهم لا محالة في إنجاح (منتديات التعليم-كوم) التي قررت الحكومة إقامتها...ومن خواص المؤسسة الجديدة كذلك أنها ستقلل نسبة السموم في عمليات استخراج الذهب المحلي حتى لا تحصد المزيد من الأرواح وتدمر ما بقي من البيئة المحلية الكسيحة، كما أن القائمين عليها لن يتعرضوا للسجن إطلاقا بعد انتهاء مأموريتهم لأنهم منه وإليه، أو لأنه منهم وإليهم..!!