مخاطر التغيرات المناخية على موريتانيا / الهيبة ولد سيد الخير

يشهد العالم اليوم ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، ويترافق هذا الارتفاع بتقلبات مناخية غير معهودة، كارتفاع منسوب البحر، وذوبان الجليد في القطبين وقمم الجبال، بالإضافة الي موجات حرّ وفيضانات واعاصير، ولم يسلم أي بلد من العالم من هذه التقلبات.
يُعزي العلماء ارتفاع درجات الحرارة الي ظاهرة الدفيئة، 

والتي تنتج عن حبس بعض غازات الغلاف الجوي (ثاني اوكسيد الكربون والميثان وغاز بروتوكسيد النيتروجين) للحرارة المرتدة من الارض، والتي كانت ستتبدد بعيدا في الفضاء، وبالتالي فأي زيادة في هذه الغازات بفعل انشطة البشر سيترافق معها حبس مزيد من الحرارة، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الارض.
اكدت دراسات المناخ لفترات تمتد لمئات آلاف السنين، ان ارتفاع الحرارة مترابط بمستوي هذه الغازات، فكل زيادة فيها تنعكس على حرارة الارض، فلم يحدث مثلا قبل الثورة الصناعية ان تجاوز مستوي ثاني اوكسيد الكربون ppm 300 جزء بالمليون، بينما توصل ذلك المستوي اليوم لمستويات قياسية وهو مرشح لمزيد من الارتفاع.
ماذا يجري يا تري؟
يُجادل البعض، بان البشر أضعف واوهن من ان يغيروا مناخ الارض، لكنهم تناسوا بان هذا المناخ جاء نتيجة امتصاص الطحالب والنباتات لغاز ثاني اوكسيد الكربون وتخزينه في الارض، بحيث تحول الغلاف الجوي من غلاف سام، يسود فيه ثاني اوكسيد الكربون وبخار الماء، يُشبهه العلماء بالمرجل، ليصبح بالمستوي الذي نعرفه اليوم والذي يسود فيه الاوكسجين، وبالتالي فمن غير المستبعد ان يعبث البشر اليوم بهذا التوازن الذي سخره الله لهم، ويُعيدوا غاز ثاني اوكسيد الكربون لصورته الاولي وبالتالي تسميم الارض.
بعد فترة ساد فيها التشكيك بصحة وجود أي تغير غير طبيعي في المناخ، اصبحت المجموعة الدولية اليوم ممثلة بالمنظومة العلمية GIEC مقتنعة بان ما يحدث امر جللـ ولم يسبق ان حدث عبر التاريخ، فمن المعلوم ان الكوكب يعرف دورات مناخية، تتناوب فيها فترات جليدية مع اخري غير جليدية أي حارة، ونحن الآن في الفترة الحارة منذ 10.000 آلاف سنة خلت، وهي الفترة التي بدأ فيها البشر بالاستيطان، وبناء القري، وتدجين الحيوانات، وممارسة الزراعة، كُل ذلك جري في منطقة بلاد الرافدين وبطريقة مستدامة ومتصالحة مع بيئتها.
شكلت الثورة الصناعية منعطفا جديدا في تاريخ البشر، فقد أدت لاستخدام غبر معقلن للوقود الاحفوري بأشكاله المختلفة، مما ادي الي انبعاث غازات الاحتباس الحراري، كما ان قطع الغابات وتغير معالم الارض، نتيجة الانشطة المترتبة على توفير الغذاء للانفجار السكاني ساهم في اضطراب المنظومة المناخية بشكل لم يسبق له مثيل.
انعكاسات التغيرات المناخية علينا
بالرغم من ان موريتانيا لا تساهم في الاحترار المناخي بشكل يذكر حيث تشكل انبعاثاتها فقط 0.015%، الا انها مع ذلك ستكون من أكثر المتضررين لكونها تقع في منطقة حارة وجافة اصلا وبالتالي فأي زيادة في الحرارة ستكون نتائجها وخيمة على النظم البيئية فمثلا قد تشمل تلك الانعكاسات ما يلي:
• غرق نواكشوط بسبب ارتفاع منسوب المحيط خصوصا ان اجزاء كبيرة من المدينة تقع تحت مستوي سطح البحر؛
• اضطراب في النظم البيئية البحرية مما قد يسبب تناقصا في مواردنا البحرية؛
• ظهور اوبئة جديدة قد تؤثر على صحة البشر او الحيوان ولعل بداية المؤشرات تتمثل في اشكال الحمي التي ظهرت مؤخرا في نواكشوط وحشرة الدويدةsp  Virachola  التي تسبب اضرارا بالغة للثروة الحيوانية في عدة ولايات؛
• تراجع انتاج الزراعة المطرية بسبب تناقص فترة الهطول المطري واضطرابها؛
• تدهور المراعي وانتشار النباتات الغير مستساغة والقليلة القيمة العلفية؛
• ارتفاع فاتورة الطاقة بسبب الاقبال على التكييف ونواذيبو تشهد على ذلك؛
• تراجع التنوع البيولوجي بسبب تدهور الموائل وهجرة الانواع؛
• ازدياد موجات الحر وآخرها موجة الحر التي ضربت لباركنه والتي تسببت في وفيات عديدة.
هل من حلول؟
التغير المناخي ظاهرة عالمية وتحتاج الي تضافر جهود الكل للحد من آثارها، والجميع مطالب كل من موقعه في الاسهام الجهود العالمية فإبدال سيارة عالية الاستهلاك للوقود باخري موفرة مثال حي على طبيعة الاسهامات المتاحة للجميع.
تشير دراسات استشراف المستقبل وموديلات المحاكاة باننا امام مفترق طرق، حيث ستكون امامنا اربعة اتجاهات تتفاوت من شديدة التشاؤم، الي المتفائلة نسبيا، وستكون تصرفاتنا هي الموجه لدفة القيادة وعلى كل حال فيبقي معدل استهلاك الوقود الاحفوري هو التحدي الاكبر.
لقد قدمت موريتانيا تعهدات في إطار التزاماتها الدولية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، لكن التحدي الاكبر سيكون في قدرتها على التكييف مع آثار التغيرات المناخية، خصوصا ان انظمة الانتاج والانظمة البيئية تعاني من هشاشة شديدة. 

21. أبريل 2017 - 9:37

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا