محطات من التاريخ السياسي للإسلاميين خلال العشرين سنة الماضية (2 ) / إسماعيل موسى الشيخ سيدي

مرحلة حزب الأمة :
اتضح من ماسبق أن الإسلاميين حسموا على الصعيد النظري موقفهم من المسألة السياسية ؛ بل أكثر من ذلك شاركوا مع القوى الوطنية الأخرى فى المطالبة بإنهاء تحكم العسكر فى المشهد السياسي واتاحة مستوى من الانفتاح الديمقراطي ...
والحقيقة أن ظروفا خارجية أخرى تتعلق بفرنسا وسياساتها فى مستعمراتها السابقة ؛ وكذلك تصدع المعسكر الشرقي كل تلك العوامل ساهمت فى الاعلان عن الانفتاح الديمقراطي فى موريتانيا

( ابريل 1991)...
المهم أن البلاد دخلت فى أجواء جديدة من الحياة الديمقراطية ، وصدر الأمر القانوني 91/024 فى مساء يوم الخميس 25يوليو عام 1991وهوأمرقانوني ينظم الحياة الحزبية ، وهنا حدث حراك قوي فى الساحة السياسية وبدأت كل الأطراف تعد العدة للمشاركة فى المشهد الجديد بمن فيهم الإسلاميون الذين كان من أهدافهم وجود مظلة حزبية يقدمون من خلالها مشروعهم للرأي العام الموريتاني.
وهنا تقدم سبعة رجال من رموز التيار الإسلامي بطلب لترخيص حزب سياسي باسم :
(حزب الأمة )وهؤلاء السبعة هم السادة :(عبدالله ولدأحمد ولد حمدى ،إسلم ولد أمبارك ، فودى ماريكا ،عبدالله بن الركاد ،هارونا يوبى انياس ، أحمد بن اباه ، لمهابة بن محفوظ ).
وتم تقديم الطلب فى يوم 14نفمبرسنة1991، لكن السلطات كانت جاهزة لأجهاض هذه المحاولة ، ورفض أي محاولة للإسلاميين تهدف إلى وجود مظلة حزبية مستقلة وهو ماعبرت عنه فى حينه أكثر من جهة حكومية وأمنية تصريحا أو تلميحا.
المهم تم رفض مجرد استقبال ملف الحزب من طرف وزارة الداخلية....
وقد جاء البيان رقم 1 الصادر عن الحزب بُعيد رفضه ليشرح بكل وضوح تداعيات الرفض وأسبابه
فقد جاء فيه مانصه : ( أيها الشعب الموريتاني المسلم : لقد تقدمت مجموعة من أبنائك المؤمنين الصادقين ؛ أئمة ودعاة وأطرا ونساء وشبابا ؛ بملف كامل الشروط والمستلزمات القانونية لوزارة الداخلية يوم الإثنين : 1412/05/12 للهجرة ..الموافق : 1991/11/14؛ قصد الترخيص لحزب سياسي يدافع عن إسلام الأمة - من غير احتكار له ولاوصاية عليه - هذا الإسلام المهدد بسياسات التغريب والعلمنة التى تنتهجها السلطات الحاكمة بغير ما أنزل الله ؛ ويسعى جادا للمحافظة على الوحدة الوطنية ؛ ترسيخا لمقومات الاستقرار ومحاربة لكل دعوات التجزئة والانقسام ..؛ وجاء جواب الوزارة هزيلا فى شكله متناقضا فى مضامينه ؛ جاء هذا الجواب رافضا لحزب الأمة ).
- بعد ذلك توالت الندوات المسجدية الاحتجاجية على قرار الرفض وكانت أسبوعية ومتنقلة بين مساجد العاصمة ومقاطعاتها المختلفة ...وقد حضرت فى ذلك الوقت وأنا طالب فى جامعة نواكشوط أغلبها ..
- وإنارة للرأي العام وتبصيرا بقضيته ودفعا للشبهات جمع القائمون على حزب الأمة وثائقه التى قدمت لوزارة الداخلية فى كتاب كان متداولا فى تلك الفترة
وتضم تلك الوثائق :
( النظام الأساسي للحزب ويتكون من سبعة أبواب وخمس وخمسون مادة ؛ البيان السياسي العام ويتعرض لخصائص الحزب والمعالم العامة لمشروعه المجتمعي ؛ اللجنة التنفيذية المؤقتة ووظائفها القيادية ؛ البيانات الصحفية ) .
كما أن الحزب اتخذ موقفا صريحا وجريئا فى ذلك الوقت بإعلانه ودون مواربة دعمه لمرشح المعارضة الأستاذ أحمد ولد داداه فى الانتخابات الرئاسية الأولى من نوعها التى جرت فى تلك الفترة .
- وكانت للحزب قيادة عبارة عن لجنة تنفيذية مؤقتة ضمت ستة عشر عضوا من ضمنهم على سبيل المثال لا الحصر الرئيس :محمدولدالشيخ محمد المصطفى (الشيخ محمد ولد سيديحي)، ونائبه الأول الإمام عبدالعزيز سي رحمه الله ، الأمين العام المساعد محمد جميل بن ابراهيم ابن منصور ، رئيس دائرة العلاقات الخارجية محمد سعيد بن محمد محمود ، رئيس دائرة الرقابة أحمد ولد أباه، رئيس دائرة الإعلام عبدالله آمدو صو.
(بقية لائحة أعضاء القيادة التنفيذية ستنشر بإذن فى المحور الأخير من هذه التدوينات وهوالمحور المتعلق بالصور والمستندات والوثائق ).
- هكذا تم رفض حزب الأمة ...وهكذا تم إجهاض المحاولة الأولى للولوج للعمل الحزبي المرخص ...
فماذا حدث بعد ذلك ...ذلكم هو موضوع التدوينة القادمة بإذن الله .

5. ديسمبر 2017 - 0:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا