السياسة والتدين مشتركات، لا يمكن لفريق سياسي أو حقوقي أن يحتكرهم سواء دندن دندنة الأغلبية أودندنة المعارضة
وهما حمل ثقيل ، يتطلب ميزات من أبرزها: القوة والأمانة على لسان ابنة شعيب، والقرشية على لسان ابن أبي قحافة الصديق قائلا للأنصار:منا الأمراء ومنكم الوزراء
وكلاهما أمر لا ينقاد لمن يطلبه أويحرص عليه بلا عصبة ولا ملة بتعبير ابن خلدون، فالدين والعصبية كالزاد والراحلة في رحلة الغاية والغلبة
وقد جلى عمر بن عبد العزيز الأمر حين ولي فقال: وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها ولا في كتابها ولا في نبيها، وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم، وإني والله لا أعطي أحدا باطلا، ولا أمنع أحدا حقا،
واشتهر عبد الملك بن مروان المؤسس الثاني للدولة الأموية بقوله
السياسة اقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها، وقد أفاد افلاطون فقال:ليس المهم أن تعيش بل أن تعيش جيدا،والسياسة ضمير في رأي جورج واشنطن الذي نصح المواطن الآمريكي بقوله: اجتهد دائما أن تحافظ على تلك الشعرة الإلهية التى تضىء القلوب وهى الضمير
غيرأن المثل والأخلاق للأسف لا تحكم قواعد لعبة الحكم، في مجال بناء الأنظمة وتأسيس الدول، ن يدركه المتقولون والثرثارون
فإذا نحن نظرنا بتمعن، إلى التاريخ منذ حمورابي، الذي حكم بابل بين عامي 1792 - 1750 ق. م ،الي عصر حروب الدخن والهرج 2010- 2018م ، أدركنا، باستثناء الحقب التي حكم فيها الوحي والنبوة ، أن القوة المتغلبة ،قوة السيف والدم ، قد اجتاحت مشارق الأرض ومغاربها
ولى غالبا حساب المنطق والعدل ، لصالح المتغلب في تدبير الرأي والمكيدة والحرب ، وهنا علينا أن نصدق الجنرال ديكول عندما يصرح قائلا :إن القبور مليئة بالرجال الذين اعتقد الناس أنه لا يمكن الاستغناء عنهم وقوله: التداول هو عمل الكثير من الرجالأما الفعل، فهو عمل فرد واحد فقط،ذلك إن رجل الدولة الحقيقي هو الذي يرغب في المخاطرة، فالأسد لايحب الجحور لأنه ليس فأرا،الزئير ليس كخشخشة
النفاق
ولهذا فان تشخيصنا للواقع بمجاديف رباعية العدل والرحمة والمصلحة والحكمة، قواعد الاعتدال والتؤدة، تتطلب منا عند تناول أي طرح يتعلق بالسياسة والحكم، في مجال تجارب الأنظمة التي تعاقبت على منكبنا البرزخي، أن ندرس المقترحات والمخارج والخلفيات والمألات من منظور شامل، يجنب الشناقطة قليلي العدد،مكدودي العظم،محصورين بين حاجز دول الساحل، وحزام دول المغرب العربي، أخطاء الحسابات، وكوارث الحروب التي تشتعل الآن ، مهددة بيضة العرب، ومحتلة جغرافية الأفارقة
ولأن البعض أصبح يسوق لنفسه، اللعب على بعض الأوتار الحساسة، ويتحالف مع مشاريع مستنسخة ثبتت نتائجها الكارثية في دول
اسنتبيحت بيضتها، واحتلت جغرافيتها، فانني آمل أن أشارك بعض الساسة ممن يلوحون بتغريدات، وينشرون تدوينات، ويجرون مقابلات، ويكررون تصريحات، و يكتبون مقالات عن المستقبل ، طرح بعض الأفكار للنقاش، في بيداء استوطنها الخوف المزدوج من إبداء المواقف،ومن أخذ المبادرات؟
يتقدم بعض ساسة الأغلبية بتغريدات أغلبها تجتر فعل كان،وترتد عليه حملات كيدية لا تحمل رؤية ولا تقدم بديلا غير التهجم والسباب، وهذه ليست سفينة التغيير التي تتطلبها الأغلبية الآن، كما أن المرحلة تتطلب مصارحة ومكاشفة ومراجعات فكرية متوازنة، تحمي الأغلبية من التشتت، والانجازات من التشويه، والجبهة الداخلية من صراع الأفراد سواء كان فألهم الصحة أو حالهم المرض ،سواء كان الداء الحسد، أو الدواء البتر
فقد قال سائس كان حمامة مسجد وداهية عصره هو عبد الملك بن مروان لبنيه: كفوا الأذى، وابذلوا المعروف، واعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سُئلتم، ولا تُلحفوا إذا سَألتم؛ فإنه مَن ضَيَّق ضُيِّق عليه، ومَن أعطى أخلف الله عليه، ان هذا الأمر لا يصلح له إلا سيف بتار، ورجل مغوار مدرار، ويد ممدودة بالكرم والسخاء تحفظ الأبرار والأسرار
وأفضل ما يعطى للأغلبية اليوم صناع ألقها ، جامع شمل، وملم بأحوال السعة والتيسير، حزب يأوي الهاربين ، ويستغفر للمذنبين، ويتشاور مع المتخاصمين، ويعفو عن المخطئين، ويحلم عن الجاهلين، ويتذكر لأهل بدر الأولين خصالهم ومفازتهم،ولا يسخر من أهل الصفة المستضعفين
وعند ما نقرأ مشهد ساسة تتنازعهم عواطف النزول الى الشارع، والبحث عن مقعد الرئاسة بكل الوسائل، والاصطفاف خلف خطاب نفي الأخر في صف المعارضة، نرى أن الساسة المعارضين للنظام بحاجة الى استخلاص الدروس من فشل تجربة الرحيل، وفشل استنساخ شعارات معلبة ، تهجوها من خارج أدبياتهم، وتحاموا حولها وسقطت اربا وقشة، وجملة وتفصيلا
ان قبول بعض أطراف المعارضة بوفاق وطني حول مرشح من صف الأغلبية، يتطلب تقديم رؤية حزبية وليس وجهة نظر شخصية، وأن تكون مسوغات هذا القبول نابعة من مشروعية انجاز السلم الأهلي
الذي تحقق لصالح الجميع خلال عشرية كانت سوداء في افريقيا والعاللم العربي ، باعتراف الثالوث المشؤوم : الطغاة، والغزاة، والغلاة
لا يمتن النظام القائم بالأمن والحرية على مواطنيه، ولكنه جدير بأن يعترف له بما تحقق من أمن وتنمية، في سنوات فقد فيها المطالبون بالديمقراطية والثورة، ليس حرياتهم فقط، بل أوطانهم وأرواحهم ومؤسساتهم المدنية والعسكرية، وعادت" مؤشرات التنمية إلى الوراء خمسين سنة من حضرموت الى تمبكتو ومن طرابلس الى بغداد"
ان تقديم رؤية أومقاربة تحمل مشروعية الاجماع الوطني تتطلب من تلك الأطراف، أن تتخلى عن تشريع خطاب ورموز يدعون صراحة الى الكراهية والعنف، وأن نبتعد عن اضفاء أي مشروعية على الارهاب الفكري والتطرف السياسي بكل ألوانه العرقي والشرائحي واليساري والحقوقي
وبالخصوص تعديل محتوى الخطاب السياسي المتشنج سواء في وسائل الإعلام ، أو بيانات التشكيلات الحزبية والمنظمات الحقوقية ، أومن خلال منابر البرلمان و المهرجانات، ومده ب قيم وميثاق ليكون له ضوابط أخلاقية، فالسياسة بدون أخلاق فاشلة في كسب ثقة الجمهور
ولكي يشعر الطرفان في الأغلبية والمعارضة بالمسؤولية عن جمع الكلمة ، وجعل المصلحة العامة لموريتانيا فوقهم جميعا ، لا بد لكل طرف من القبول بأن الآخر شريك في وطن، وفي حاضره، ومستقبله عند ذلك فقط تتحدد المسؤوليات بين الطرفين ، وكما يقول الخطابي قائد ثورة الريف : ان عدم الإحساس بالمسؤولية هو السبب في الفشل، لأن كل واحد ينتظر أن يبدأ غيره، وتعلمون أن خير المتخاصمين البادئ بالسلام
ومن أسس هذا السلام وقف الحملات، والاحتكام الى الانتخابات، وقبول
طي الخلافات، فلا وقت ولا جهد الآن يضيعان في النزاعات والصراعات، والعاقل من يتعظ اليوم بأحوال غيره، ومختبرات وتجارب تفتح العيون العمي، والآذان الصم ، وترينا أن هؤلاء المتصارعين على الوهم والأشلاء {متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون}
ان حاجة البلد إلى أبناءه، حاجة جامعة،وفريضة لازمة، والحلول الحقيقية لمشاكل الناس لا يمكن أن تكون بتكرار تجارب الفشل، وهل هناك فشل أعظم من مقاطعة الانتخابات، ورفض الحوارات وتصحيح أخطاء الأحزاب و ما تعاقب من الحكومات والتيارات؟
الحقيقة التي لا جدال فيها أن الوحدة قائمة بين أبناء شعبنا، والخلافات الموهومة والمسيسة يجب أن تزول، ومشروع أمة متراحمة مزدهرة مقاومة يستحق أن نستمر في الحلم به، وكما قال هارون الرشيد: من شاور كثر صوابه، والصمت عن الحق والبيان وقت الحاجة هوأعظم داء
والأمر لا يحتاج الي بيان فقد قال الاسكندر المقدوني: أعطوني لسان خطيب واحد ، وخذوا مني ألف مقاتل