ظهرت بعض أشراط الانتخابات الرئاسية المتوقع تنظيمها بالبلد فى شُهُورٍ معدودات خلال النصف الأول من العام المقبل 2019 و انطلق جدل ٌ سياسي و إعلامي -أرجو أن يكون وَلُودًا-حول شروط و ظروف السّيَرَانِ الأمثل و الإجماعِيِ لهذا "الانتخاب الأكبر" سَيَرَانًا يرضى به الغالب و المغلوب على قدر سواء.
و يعتبر الانتخاب الرئاسي عموما و لدى الأنظمة السياسية ذات الطابع الرئاسي أو شبه الرئاسي خصوصا -كما عليه الحالُ ببلادنا-مناسبةً كبرى لإنتاج المشاريع المجتمعية و البرامج الانتخابية الطموحة القادرة شكلا و قاموسا و مصطلحاتٍ و أفكارا و مضامينَ ومحتوياتٍ على جذب و أَسْرِ قلوب و عقول و أصوات الناخبين.
و قد عَابَ الكثير من المراقبين على غالبية الانتخابات ببلادنا و خصوصا الاستحقاقات الثلاثة التشريعية و "الجِهَاتِيّةِ" و البلدية التى نظمت سبتمبر الماضى غياب الأفكار و البرامج غيابا شبه تام و عام أو على الأقل طغيان المحددات الشخصية و العائلية و النعرات العرقية و الشرائحية و الحَمِيّاتِ الجهوية و القبلية على "منازلات الرؤى المستقبلية " و "المنافسات البرامجية" و "المفاضلات الاقتراحية"،...
و ما يتسرب حتى الآن من "جعجعة أسماء المترشحين"مبتورةً من "طحين الأفكار و البرامج " منذرٌ بأن لا تشذ الانتخابات الرئاسية المقبلة عن دأب الانتخابات الموريتانية التى تكاد تكون غالبا خالية من سَمْنِ و عَسَلِ الأفكار مَحْشُوّةً بِسُمِ و "إِسْفِينِ" الجاهليات و "الفِتْنِيّاتِ الضيقة".
و فى اعتقادى أن الوقت الفاصل مع الاستحقاقات الرئاسية غير كثير لكنه لا زال كافيا لصياغة برامج انتخابية طموحة و أخّاذَةً، مجددة و تنافسية شريطة أن تسارع التكتلات السياسية الكبرى التى تنوى الترشح للشأن الرئاسي إلى تشكيل فرق عالية المستوى "متعددة الاختصاصات" تُكلف بإنتاج البرامج الانتخابية بصرف النظر عن الأشخاص الذين قد يترشحون أو ىُرشّحُون و الذين من المفترض أن يأخذ انتقاؤهم و إعلانهم مسارا آخر.
و تتأكد وجاهة تشكيل فرق عالية المستوى مكلفة بإنتاج "رؤى و برامج رئاسية" فى "شكل مراجعة للعقد الاجتماعي"إذا ما استحضرنا أن "الخمسية الرئاسية" المقبلة ستكون موريتانيا خلالها-حسب موقع نظرى- أمام خيارين أحلاهما "تجديد و إعادة تأسيس طوعي للعقد الاجتماعي الوطني" على أسس ثلاثة مرتبة حسب الأهمية و الاستعجال هي :التمييز الإيجابي لصالح الشرائح و المناطق الأقل حظا و العدل المستقل الصارم و التنمية الطموحة العاجلة.
أما الاحتمال المُرُ فهو " تقادم و تآكُلُ العقد الاجتماعي الوطنى "فُجَاءَةً بفعل غياب الصيانة و التجديد و الاستشراف و محاولة بناء عقد اجتماعي بديل من غير تحضير و لا تأهيل و فى عَجَلَةٍ من الأمر و هو خيار دَلّتْ تجارب الدول المثيلة على نجاحه نادرا فى إرساء عقد اجتماعي جامع،مانع و عاصم.
و إذا كان مما تدل عليه قرائن الأحوال و تنطق به مؤشرات المآل أن الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف تتمخض مخاضا ساخنا نوعا ما لكنها لن تلد مفاجأة كبيرة فإني لا أستبعد أن يُحَصِنَ الطرف السياسي المستفيد من "عدم المفاجأة" هذا الاحتمال ببرنامج رئاسي طموح يُثَبِتُ بجرأةٍ مكتسبات الماضى -كل الماضى-و يشخص بشجاعة النواقص -كل النواقص-و يقترح بطموح "نَاطِحٍ للسحاب" الحلولَ و الأهداف المستقبلية.