ألسنةُ رجال الإعلام و الحقوق و جزء معلوم من أقوام السياسة رَطِبَةٌٌ من استخدام مصطلحيْ "الشريحة" و "الشرائحية" الذى اقتحم المشهد السياسي و الإعلامي و الحقوقي منذ سنوات دون أن يجد مستحَقّه من التعريف و الضبط و التحرير حتى ذهب الناس فى تعريف الشريحة طرائق قددا فمنهم من يجزم بأنها انتماء عرقي مستقل و منهم من يشخصها بأنها مطلب حقوقي لا غير و منهم من يصنفها مؤامرة خارجية لتجزئة الشعب المُجَزّإ أصلا.
و محاولة منى للإسهام فى تحرير و ضبط مصطلح الشرائحية أقترح تعريفه بأنه" عمل نضالي من أجل إنصاف فئة اجتماعية،تحت عرقية infra ethnique (ضمن العرق الواحد)تضم مجموعات من المواطنين متواجدة على امتداد التراب الوطني قاسمها المشترك ماض حقوقي منقوص رواسبه لا زالت عاتية شاهدة أو حرفة أو مهنة أو موهبة متوارثة"؛و فى اعتقادى أن هذه التعريف مقدِرٌ لمظالم ماضى الاسترقاق المتوارثة، مانعٌ لفتنة التمييع العرقي، جامعٌ للشرائح الحرفية و المهنية و المواهبية التى تعانى من شيئ من " الظلم المعنوي"و تستحق الإنصاف و الترفيع المعنوي.
و يجدر التنويه إلى أنه ما من فائدة-كما نبهت إلى ذلك تكرارا- فى التدافع الحاصل حول المسؤولية التقصيرية اتجاه معالجة "الصدع الشرائحي"ذلك أنه ما نجا أحد-مع مراعاة التفاوت و التناسب- من "خطإ التقصير" اتجاه الشأن الشرائحي بدءً بالعلماء و الفقهاء الذين سكت كثير منهم عن باطل أصول الاسترقاق و "انحرافات-مبطلات" تطبيقه مرورا بالأمراء و الوجهاء و المشائخ و سلطات الاستعمار و سلطات الجمهورية الأولى و حكام الفترة العسكرتارية و الجمهورية الثانية و رموز النضال السياسي الأممي و القومي و الإسلامي و الشرائحي،..
و بما أن مسؤولية التقصير اتجاه المسألة الشرائحية تشاركية و تأسيسا على أن الإجماع منعقد الْيَوْم بموريتانيا-كل موريتانيا- على أن المسألة الشرائحية هي أم المستعجلات الوطنية فإن مسؤولية معالجة" النازلة الشرائحية" لن تكون إلا تشاركية بامتياز مما يتطلب "نفيرا جماعيا"من أجل تصحيح أخطاء الماضى و تعزيز الثقة بين الشرائح المجتمعية بما يضمن مزيد ترسيخ فرص التعايش السلمي و السلم الأهلي و سأكتفى فى هذا "المقام-المقال" بتبيان إشارات حول معالم النفير المطلوب :
أولا- ثورة المؤسسة الحكومية:لا مراء فى أن العبء الأكبر فى تصحيح الصدع الشرائحي يقع على المؤسسة الحكومية التى بذلت جهودا مقبولة -لكنها غير كافية-خلال الستينية الماضية .و بما أننا قَابَ أشهر معدودات من الانتخابات الرئاسية فإن كل المترشحين للانتخابات الرئاسية مطالبون خلال الحملة الانتخابية الرئاسية التى بدأت أشراطها بعرض معالم استراتجية خمسية للتخفيف من التفاوت الشرائحي و القضاء على رواسب الاسترقاق خصوصا، و على مسؤوليتى أصدعُ بأن كل برنامج انتخابي رئاسي لا يمثل ثورة فى مقاربة و معالجة الصدع الشرائحي هدفُها القضاء على الاسترقاق و رواسبه هو رَدٌ،رَدٌ،رَدٌ،...
ثانيا- انتفاضة المؤسسة العلمية:لقد أكد علماء و فقهاء هذا البلد العارفون البالغون أهلية الفتوى و مقام النصح للمسلمين منذ بداية الاستقلال أن الاسترقاق فى هذه البلاد بُنِيّ على باطل و بالتالى فإن علي علماء البلد تجسيد انتفاضة حقوقية من خلال التحلى أولا بالكثير من الجرأة من أجل مزيد تجسيد قيم المساواة و تأسيس الأفضلية بالتقوى عبر تشجيع "الانسجام الاجتماعي ".
كما أن من واجب العلماء و خصوصا الشباب من العلماء و الدعاة التضحية و الذهاب إلى آدواب و حواضن رواسب الاسترقاق و المكث فيها زمنا من أجل تعليم الناس أمور دينهم و دنياهم و تكوين جيل متفقه عالم من أبناء" الشريحة المغبونة" تناط به مهمة بث النهضة العلمية فى الأجيال القادمة من أبناء "الشريحة الأقل حظا فى التعليم"؛
ثالثا- صحوة الهيآت المجتمعية المدنية:
من اللافت لكل من نور الله قلبه أن كل الهيآت المدنية -المرخصة و غير المرخصة- العاملة فى مجال محاربة خفايا الاسترقاق و بقايا رواسبه ينتسبُ تسعةأعشار(90%) قادتها إلى شريحة ضحايا رواسب الاسترقاق.
و الجهد مطلوب بصحوة مدنية تسعى إلى توسيع و تنويع و "تَلْوِينِ"العمل الحقوقي المدني المناهض لرواسب الاسترقاق حتى نشدِّ عضد النيات و الأقوال المعبر عنها من طرف كافة النخب الوطنية بشأن أولوية و استعجالية "النازلة الشرائحية"بالأفعال النضالية الصادقة الجريئة و "الإِيثَارِيّةِ" ضد مظاهر و جذور الاسترقاق و رواسبه.