وراء الأكمة ما وراءها ! / محمد ولد سيدي

الكل يتحدث عن الإنتخابات الرئاسية القادمة، والمرشح الذي تعقد عليه الآمال، سواء من المعارضة، أو من الموالاة، ولئن بدأت موجات اتسونامي النخب الكومبرادوررية ( Comprador ‏) تعيد إنتشارها، و تتموقع في " أفقها " السياسي، اللا " متغير " فإن الأخطر من ذلك كله، أن المسألة لا تتعلق ب " من " سيفوز ؟ ، فذلك مفروغ منه " سلفاً " ، قطار ، مكتمل البنية، حلقاته، كل الجهاز الإداري- و التجار - ورؤساء القبائل- وزعماء المشايخ الصوفية، مقابل حافلة من قاطرتين، ربانها، و روادها ممن جمعتهم الأيديولوجيات الوافدة و آلام الحرمان من نعمة العدالة في لقمة العيش الكريم ...إن الخطورة التي يجهلها البعض؛ لا تكمن فيمن سيقود، الخطورة أن قوانا السياسية، بجماهيرها، وأنصارها - وهم كثر بالمناسبة - في دولة واحدة، ولكن، لكل منهما " نشيده " الخاص، و " علمه " الخاص ، وعلى الذين لا ينظرون الى الواقع بأعين متبصرة أن يعوا أن " الثلة " التي يسموانها بالمعارضة قد " إنتصرت " في أهم معركة سياسية عرفتها موريتانيا في مسيرتها وهي " معركة تغيير الدستور، وعلى الذين كذلك لا ينظرون الى الماضي و تخونهم الذكريات أن يعوا أن الرئيس المنتهية ولايته السيد محمد ولد عبد العزيز لم يفز ضد هؤلاء القادة من المعارضة إلا بنسبة 52 % ، ومن الطبيعي أن تتضاعف شعبية أي رئيس أو حزب إذا كانت سياسته الأقتصادية والإجتماعية والثقافية محل إجماع، ومن الطبيعي أن تتراجع وتتدنى الى حد التمرد واللجوء الى الفوضى مثلما هو الحال مع الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرونه و أصحاب السترات الصفراء، نفس النسبة التي فاز بها ولد عبد العزيز هي نفسها التي يفوز بها السياسيون في الديموقراطيات العريقة، إلا أن استطلاعات الرأي خلال كل شهر أو موسم أو سنة قلما تؤشر لأولئك القادة الى إمكانية إنتخابهم من جديد وهنا يطرح أكثر من سؤال :إنطلاقا من النسبة التي تحصلت عليها المعارضة خلال رئاسيات سنة 2009 حوالي 48% ؛ و إنطلاقا من معطيات سياسة ولد عبد العزيز في مجال محاربة الفقر، والتشغيل، و التعليم و الصحة والأمن ومكافحة الفساد، والزراعة ، و إغلاق بعض الشركات والمؤسسات الأخرى ودمج بعضها مع بعض وتسريح مئات العمال و إنتشار البطالة مع تحسن في العلاقات الخارجية أَلاَ يؤثر ذلك كله على المواطنين جميعا في المدن والأرياف؟ ومهما يكن فإنه على الرئيس القادم أن يجعل من الحوار وسيلة لتقوية اللحمة الإجتماعية التي باتت للأسف أكثر هشاشة من أي وقت مضى، والأسباب معروفة ولا تحتاج لكثير من السرد ، الوعي إنتشر في كل القوميات، قلتها أو كثرتها ماهوش مهم ؛ المهم العدالة الإجتماعية و توزيع الثروة وفرص العمل بشكل عادل، حتى لايكون هناك يوما ليس كباقي الأيام وفق مايراه البعض ، وحتى لا تخيب آمالنا في الرئيس القادم، مثلما خيبت آمال الرئيس الراحل المختار ولد داداه في عائدات " جبل الحديد "بعد عدة سنوات من الإستقلال عن فرنسا ، فقد كان المرحوم "يرى أنه سيحول موريتانيا الى إسويسرا إفريقية بناءا على معطيات إقتصادية غير دقيقة ، وحتى لا تخيب آمالنا من جديد مثلما خيبت في عائدات النفط على الرئيس القادم أن يجعل من تطوير الأقتصاد الوطني ومصادر الدخل وجلب المستثمرين والحكم الرشيد غاية و هدفا أسمى، فتعدد الثروات مع الفساد الإداري والإعلام الموجه يزيد من الإحتقان السياسي في بلد تحيط به بقاع من البراكين الملتهبة وبالتالي فإن حصانة البلد واستقراره ووحدته الوطنية وتماسكه الإجتماعي مرهون بمحاربة الفساد والهيمنة والعدالة الإجتماعية والإنفتاح على كل القوى السياسية معارضة وموالاة و المنظمات الحقوقية ، وإذا لم يكن كذلك فإن " وراء الأكمة ماوراءها " !!

22. فبراير 2019 - 1:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا